للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وأما ما ورد من الأحاديث في ذم الجدل، مثل ما روي عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((ما ضل قوم بعد هدى كانوا عليه إلا أوتوا الجدل، ثم تلا رسول الله صلى الله عليه وسلم هذه الآية: {مَا ضَرَبُوهُ لَكَ إِلَّا جَدَلًا بَلْ هُمْ قَوْمٌ خَصِمُونَ} [الزخرف: ٥٨] ))

(١) ، فلا يحمل النهي على عمومه في كل مجادل، بل هو خاص فيمن يجادل بغير الحق ولغير الحق (٢) .

أما ما ورد من النهي في الجدال بالقرآن، كالحديث المروي عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((جدال في القرآن كفر))

(٣) ، فيصح أن يكون الحديث متوجهًا إلى مثل زمانهم، وذلك أن يتعلم الإنسان الآية والآيتين، فيجادله الآخر أن هذا ليس من القرآن؛ فهو كفر أي شرك، ويحتمل ما يصير به المجادل بالباطل كافرًا كفر نعمة (٤) .

ومن التواضع لله ترك الجدل والمناظرة والمحاورة، وذلك ما يدل عليه حديث أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ((مَن ترك الكذب وهو باطل بُني له في ربض الجنة، ومَن ترك المراء وهو محق، بُني له في وسطها، ومن حسن خلقه بُني له في أعلاها))

(٥) ، وذلك إذا لم يخرج في ذلك نفع أكثر مما يخاف فيه الضرر (٦) .


(١) رواه الترمذي، رقم ٣١٧٦، وقال عنه حديث حسن صحيح.
(٢) السعدي، قاموس الشريعة: ٣/١٥.
(٣) رواه الإمام أحمد، رقم ٧١٥٠.
(٤) السعدي، قاموس الشريعة: ٣/٢١.
(٥) رواه الترمذي، رقم ١٩١٦، وقال عنه: حديث حسن لا نعرفه إلا من حديث سلمة بن وردان عن أنس بن مالك.
(٦) السعدي، قاموس الشريعة: ٣/٢١.

<<  <  ج: ص:  >  >>