للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإن البداية السليمة لبناء وحدتنا تتمثل في نبذ الخلافات بين المسلمين، وتصفيتها بروح الأخوة الإسلامية، كما أن البداية الحقيقية لقوتنا تعتمد على قدرتنا على مواجهة المشكلات الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية العالمية بحلول إسلامية مستلهمة من روح الشريعة السمحة، ومتجاوبة مع احتياجات العصر. وإن هذا الأمر مهما بدا مشكلًا أو صعبًا يُستطاع تذليله والتغلب عليه بالفهم الدقيق، والتدبر العميق للقضايا المطروحة، وبتجنب التعصب المقيت. فإنه لا معنى للتعصب في الإسلام، وإن طريق الوصول إلى الحكم ليعتمد ما بين أيدينا من أدلة تستمد من كتاب الله وسنة رسوله، طبقًا لضوابط الاستنباط وأصوله الشرعية المرعية لدى العلماء والفقهاء. وهو بما يوجه إليه من ذلك ليأمل من رجال الاختصاص يكون السبيل الأقوم لتحقيق الوحدة بين جميع الشعوب الإسلامية.

وأن الأهداف الأساسية من بعث هذه المؤسسة الفقهية الاجتهادية تقوم أولًا على تحقيق الوحدة الإسلامية نظريًَّا وعمليًّا عن طريق السلوك الإنساني ذاتيًّا واجتماعيًّا ودوليًّا وفقًا لأحكام الشريعة الإسلامية، وثانيًا على شد الأمة الإسلامية بعقيدتها، ودراسة مشكلات الحياة المعاصرة والاجتهاد فيها اجتهادًا أصيلًا يمكن من تقديم الحلول المناسبة النابعة من الشريعة الإسلامية.

هذا وإن للمجمع الفقهي الإسلامي الدولي وظيفتين أساسيتين إحداهما عملية نفعية عامة، وثانيتهما علمية أكاديمية خاصة.

ومما يترجم عن وظيفته الأولى ويعرف بها توصية المؤتمر الثالث بعمان، التي تناشد الأمة الإسلامية شعوبًا وحكومات، أن تعمل جهدها لاستنقاذ أولى القبلتين وثالث الحرمين الشريفين، وتحرير الأرض المحتلة بحشد طاقاتها وبناء ذاتها وتوحيد صفوفها، والتسامي على كل أسباب الاختلاف بينها، وتحكيم شريعة الله سبحانه في حياتها الخاصة والعامة.

وكذلك توصية الدورة الرابعة بجدة التي من خلال دراستها لمجالات الوحدة الإسلامية وسبل الاستفادة منها، نوهت برابطة الإسلام بين شعوب الأمة الإسلامية، باعتبارها قاعدة ثابتة لكل بناء حضاري يرمي إلى توحيد صفوفها، وإلى التأليف بين الجهود المبذولة في مجابهة التحديات المعاصرة، وتحقيق العزة والتقدم. كما دعت إلى وجوب تنسيق سياسات الدول الإسلامية في مختلف ميادين التنمية الاقتصادية والاجتماعية، والحرص على توثيق علاقات التناصر والتعاون والتراحم بين شعوب الأمة لرفع ما يعوق سيرها من ألوان التبعية، وما يجابهها من تحديات، حرصًا على بلوغ ما تعمل كادحة من أجله من تحقيق الرقي والمنعة والازدهار للأمة الإسلامية.

<<  <  ج: ص:  >  >>