لقد كانت الوحدة والعلم الديني والدعوة إلى الخير والعمل الصالح أساس كل نهضة وسبيل كل رقي وتقدم. ومما ورد في هذا الشأن قول الإمام علي، كرم الله وجهه يخاطب المؤمنين من حوله:
العمل العمل، الاستقامة الاستقامة، الورع الورع، وإن لكم علمًا فاهتدوا بعلمكم، وإن للإسلام غاية فانتهوا إلى غايته، واخرجوا إلى الله بما افترض عليكم من حقه، وبين لكم من وظائفه، واعلموا أن القرآن هو الناصح الذي لا يغش والهادي الذي لا يضل، والمحدث الذي لا يكذب، وما جالس القرآن أحد إلا قام عنه بزيادة أو نقصان: زيادة في هدى، أو نقصان من عَمَى، فعلى المؤمنين أن يتدبروه، وعلى علمائهم أن ينصحوا به فإن أول صيحة تبعث إلى الوحدة، وتوقظ من الرقدة لهي تلك التي تصدر عن أعلى الناس منزلة، وأعظمهم حرمة، وأقواهم حجة. وليس لهذا غير العلماء العاملين. فإن كلمتهم مسموعة، ودعوتهم مقبولة. وهم الذين لهم اليد الطولى في هذا العمل الشريف، يذكرون الجماعات الإسلامية بسنن الله في كونه، ويتلون عليهم من الآيات ما فيه مزدجر، ويثبتون في قلوبهم ما وعد به الرحمن عباده الصالحين من عزة ونصر في قوله جل وعلا:{وَلَقَدْ كَتَبْنَا فِي الزَّبُورِ مِنْ بَعْدِ الذِّكْرِ أَنَّ الْأَرْضَ يَرِثُهَا عِبَادِيَ الصَّالِحُونَ}[الأنبياء: ١٠٥] .
وقد دعا أحد الأئمة من أجل تحقيق الوحدة بين المسلمين إلى ضرورة الاستعلاء على حالة التمحور حول الذات، شخصية كانت أم مذهبية أم إقليمية، والارتقاء إلى مستوى الاهتمام بالكيان الكلي للأمة.
والوظيفة الثانية، وهي لا تقل شأنًا عن الأولى، فإنها تتمثل في الجانب العلمي الأكاديمي، الذي تقوم به في كل زمن أصحاب الاختصاص من ذوي التكوين العلمي الواسع.