لقد أمرنا الله سبحانه وتعالى بالاعتصام بحبله والاتحاد حول دعوته، فقد أراد لنا أن نكون وحدة متماسكة ووضع لهذه الوحدة أساسين ربانيين.
أولهما: أن تكون وحدتنا عود كتاب الله {وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ}[آل عمران: ١٠٣] ، فأول الأمور هو تحديد الهدف وتوحيده، وذلك يضمن لنا أساسًا متينًا للوحدة. فليس من الممكن أن تجتمع قلوب الناس على هواها، وليس من المطلوب أن يجتمعوا على باطل وضلال، بل ينبغي أن يكون اجتماعهم على الحق الذي لا يأتيه الباطل من بين يديه ولا من خلفه.
وإذا توفر للوحدة المؤمنة الدستور الذي تلتقي عنده الهموم واطمأن المؤمنون إلى التسلح بها {وَمَنْ أَحْسَنُ مِنَ اللَّهِ حُكْمًا لِقَوْمٍ يُوقِنُونَ}[المائدة: ٥٠] مثل هذه الوحدة تتوفر لها المقاييس التي تصحح تصرفات الفرد وتوجه سلوك الجماعة لأنها قائمة على أساس كتاب جمع الله فيه خيري الدنيا والآخرة.
الأمر الثاني: أن تقوم الوحدة على أساس انتماء جميع الأعضاء للمجتمع المسلم بحيث لا يتخلف عنها فرد واحد ولا يشذ صوته مهما يكن، وذلك المعنى هو ما حصل على بيان في قوله تعالى:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا}[آل عمران: ١٠٣] ، وقد كان مما يؤدي المعنى في جملته قوله مثلًا:{وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ} آل عمران: ١٠٣] ، لكنه أكد شمول الاعتصام بقوله:{جَمِيعًا} وتلك هي الصورة التي أرادها سبحانه لوحدة هذه الأمة وحدة شاملة تضم كل فرد، ولا فضل فيها لأحد إلا بالتقوى. وشكرًا.