للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

فإذا كان (هوبس) يقول: (ليس في الوجود إلا ذرات في فراغ) (١) ، فنحن نقول: الله واجب الوجود، خلق جميع المخلوقات، فحتى (فولتير) حينما عاد إلى شيء من صوابه في آخر أيامه دعا إلى دين وقال: (إن الطبيعة بأسرها تصيح فينا إنه موجود فعلا) (٢) .

فإذا كان التنوير الذي يشيرون إليه إبان الثورة الفرنسية، وقالوا إنهم أنزلوا الله من ملكوته مع إنزالهم أسرة البدبون عن عرشها (الحكام) فنحن لم نعبد قط حاكمًا.

وبعد هذا فليفعل العلمانيون ما شاؤوا أن يفعلوا، فالإيمان مغروس في قلوب المسلمين وفي أرضهم، قد يضعف المسلمون ولكن لا يضعف الإيمان وتعلمنا من التاريخ عِبَرًا كثيرة.

وصدق الله العظيم إذ يقول: {وَدَّ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ تَغْفُلُونَ عَنْ أَسْلِحَتِكُمْ وَأَمْتِعَتِكُمْ} [النساء: ١٠٢] .

الارتباط بين العلمانية والدراسات الاستشراقية:

الكاتب (عبد الهادي عبد الرحمن) في كتابه (سلطة النص) ، يتجه للدفاع عن ظاهرة الاستشراق، معتبرًا أنه لا شيء يمنع الغرباء من نقد تراثنا؛ لأنهم بذلك يكشفون لنا عيوبنا فنعمل على إصلاحها وتجاوزها، فيقول:

(ومن هذا الحق العام خرجت علينا مناهج الاستشراق الجديدة تفعل فعلها في تاريخنا وتراثنا، وهناك من اعتبرها عدوة له، فانبرى يستخدم ما في جعبته من أدوات قديمة، وانبرى البعض أحيانًا بالشتائم غير متصورين بأنه من الممكن (لغريب) أن يمس مقدسهم، وكأنه ليس من المطلوب أن يأتي الآخر ليتلصص على عيوبنا ونواقصنا، أو حتى مزايانا فالبيوت أسرار) (٣) .

أما (خليل عبد الكريم) فقد تبنى آراء المستشرقين في طعنه في الفتوحات الإسلامية.

ومما يؤكد أن آراء المستشرقين في الفتوحات هي التي اتبعها خليل عبد الكريم كما جاء في عباراته وتحليلاته واستنتاجاته: هذه الأراء لـ (فيليب حتّي) ، وهو من كبار المستشرقين الباحثين في الحضارة الإسلامية حيث يزعم ويقول:

إن من الدوافع التي دفعت المسلمين إلى الفتح هي الجزية، فيقول: (فإن العرب في حروبهم خارج الجزيرة كانوا يعرضون على أهل الكتاب من يهود ونصارى أمرًا ثالثًا غير القرآن والسيف، هو أقرب إلى مطامع المحاربين وأصلح لهم من كلا الأمرين الأولين - الجزية) (٤) .


(١) الإسلام بين التنوير والتزوير، د. محمد عمارة، ص٢٣.
(٢) الإسلام بين التنوير والتزوير، د. محمد عمارة، ص٢٣.
(٣) سلطة النص، عبد الهادي عبد الرحمن، ص١٨.
(٤) دواعي الفتوحات الإسلامية ودعاوي المستشرقين، د. جميل عبد الله مصري، ص٧٧.

<<  <  ج: ص:  >  >>