ويفرق بشكل غريب بين إطلاق النص وإطلاق مضمونه وهو القاعدة، ثم يطرح فكرة (واجبات الوهلة الأولى) ، ولعله يقصد بها فكرة الواجبات بالعنوان الأولي، التي يمكن أن تتغير بطرح العنوان الثانوي.
ويحاول طرح فكرة (تحريم لحم الخنزير لضرره) ، فإذا زال الضرر حل ذلك.
ويعتبر الإيمان بالمصالح المرسلة نقضًا لإطلاق الأحكام الإلهية.
ويعمل على التفريق الاعتباطي بين القواعد العامة كحرمة شهادة الزور وحرمة القتل، والأخرى كجلد الزانية وإرث الأنثى، فيرى إمكان ثبات الأولى دون الثانية.
وأخيرًا: يطرح فكرة (الطبيعة الكونية للإسلام) ، مستبعدًا كل ما يراه أنه يعارضها، ويستفيد من كلام بعض الكتاب الإسلاميين أن الإسلام جاء بتوجيهات عامة وكليات، أن مرادهم هو الإيمان بالمبادئ المعيارية (ص٣٥٠) ، إلا أنه يستدرك على ذلك أيضًا باعتبار:
١ - أن هذه المبادئ ليست ذات مضمون سياسي، ولا تبنى به المؤسسات الاجتماعية.
٢ - أن العمل بها هو عمل بالعقل لا بالوحي، لأننا إذا أردنا أن نجعلها كونية كان علينا أن نجردها من خصوصياتها الإسلامية، فهي تتنافي مع مبدأ أن الإسلام هو وحده المكلف بإقامة الدولة الإسلامية، وإلا كان علينا أن نؤمن بالنسبية الأخلاقية.
وأخيرًا يطرح فكرة أن استقلالية الإنسان في تعقله، وفي كينونته الأخلاقية، تتعارض مع فكرة الدولة الدينية لينتهي إلى غرضه الأصلي من الكتاب، وهو الاعتماد على العقل المجرد من الدين في صياغة الحياة.
وإذا كان لنا أن نلاحظ على الكاتب بشكل موجز قلنا:
أولًا: إن الكتاب رغم ما يبدو فيه من اتباع للمنهج العلمي المنطقي يفقد الكثير من المصداقية المنطقية، وخصوصًا عند محاولته المغالطة.
فإن أهم ما يعتمد عليه هو قوله: إن القضية الضرورية لا تنتج القضية الجائزة، جاعلًا إياها قضية منطقية صدقت مقدماتها، فلابد أن تصدق نتائجها بنفس المستوى. وليس الأمر كذلك، فإنه يريد من القضية الضرورية (القضية الدينية العقائدية) وهي قضية ضرورية قطعية حتمًا، أما القضية العملية الاجتماعية فلها حلول عديدة ولا إلزام بالحل الواحد.