للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ونلاحظ هنا:

١ - أن الإيمان بالله ووحدانيته وصفاته لا يستلزم مطلقًا الإيمان بوحدة النظام الاجتماعي بكل أبعاده رغم اختلاف الظروف والمكان، فمن الجائز منطقيًّا أن الله تعالى يخير الإنسان بين حلول متعددة لمشكلته الاجتماعية، والفقهاء كلهم يطرحون فكرة الواجب التخييري، وفكرة القاعدة التي تتعدد مصاديقها التنفيذية، بل من الجائز أن يبيح الله للإنسان أن يعمل فكره وعقله في منطقة معينة ليملأها بتشريعاته المتغيرة. وهو ما عبر عنه المرحوم الشهيد الصدر بمنطقة الفراغ التشريعي، أو ما يمكن أن يسمى بالمنطقة الولائية، أو منطقة المباحات - كما أشرنا لذلك في بحث مستقل - ولا يتنافى كل ذلك مع ضرورية القضية الدينية، وبهذا ينهار أساس استدلاله الفلسفي في مجمل الكتاب، فليست القضية هي من الشكل الأول المنطقي ليقال إن ضرورية المقدمات تنتج ضرورية النتائج.

٢ - أن القضية الاجتماعية قد تكون ضرورية، وذلك إذا كانت المشكلة مشكلة ثابتة لا تغير فيها، وكان حلها ثابتًا لا تغير فيه، فليس أمامنا إلا الحل الثابت للمشكلة الثابتة، وهو ما يمكن أن نطلق عليه بمنطق الكاتب اسم القضية الضرورية.

فالمشكلات الإنسانية التي تعود إلى الفطرة، وهي ما نعتقد أنه العنصر الثابت في حياة الإنسان، هي مشكلات ثابتة، وسبل علاجها قد تكون ثابتة لا تغير فيها، كما أن الحقائق الفيزيائية هي حقائق ثابتة، فعلاجها إذن هو العلاج الثابت الذي لا يتغير بتغير الظروف والأماكن، ويمكن أن نضرب لهذه أمثلة من قبيل:

أ - وجوب الصلاة وباقي أنماط العبادات لإشباع حاجة الإنسان الثابتة للتدين والارتباط بالمطلق.

ب - النهي عن قتل الإنسان.

جـ - النهي عن كل أنماط الظلم.

د - النهي عن الخمر لأنها مضرة دائمًا بالإنسان من وجوه شتى.

هـ - النهي عن أكل لحم الخنزير لعلاقته السلبية بالحياة الإنسانية (ولا نعلم نحن أبعاد هذه العلاقة) .

و النهي عن الغرر والغش في المعاملة.

وغير ذلك.

<<  <  ج: ص:  >  >>