للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إننا نؤمن كالكاتب بأن الحسن والقبح ذاتيين للأشياء، ولا نوافق على مقولة أن الحسن آتٍ من تحسين الشارع؛ لأن هذه المقولة كما قال الكاتب تواجه مشكلات عديدة طرحها بإشهاب ليسجل انتصاره دون أن يذكر الفكرة القائلة بالحسن الذاتي للأشياء، فهي تكون حسنة حتى لو لم يوجد المكلف نفسه.. وإنما الذي ننعاه على الكاتب أن العقل العملي يدرك حسن بعض القضايا العامة من قبيل إدراكه لحسن العدالة مطلقًا، فهي معيار دائمي (لا يمكن خلطه مع بعض المعايير التي تمتلك حسنًا أوليًّا للوهلة الأولى كالمنفعة والحرية) ، وكذلك إدراكه لحسن طاعة المولى الخالق الحاكم المالك، وهي مفاتيح تنقلنا إلى عالم العلم الإلهي والطاعة لله، حيث تنكشف أمام العقل نفسه آفاق الحسن بتفاصيلها، ليسجل عجزه أمام الله تعالى، ويركع له ويسجد.

ثالثًا: بغض النظر عن العلاقة بين المعرفتين، لنفرض أن المعرفة العملية ممكنة إلا أن هناك مسألة الطاعة لله الآمر بالنظم الاجتماعية المختلفة التي لا نستطيع إنكارها، فنحن إذ نعرف الله تعالى بكل صفاته، ونعرف الإسلام بأبعاده، لا يمكننا أن نعصي الله تعالى بأوامره بعد أن كانت النصوص ثابتة، والنبوة معصومة، والله تعالى هو الآمر.

إن الكاتب هنا يطرح الكثير من القضايا لنفي هذه العلاقة:

١ - يدعي أن بعض الكتاب قد رفضوا وجود نظم إسلامية للحياة، أو ذكروا أن هناك مبادئ عامة كلية لا غير.

٢ - يدعي أن الله أعطى الإنسان القدرة على المعرفة الكاملة بالمعايير الأخلاقية التي يعرف الله بها، وهذا لا ينسجم مع مسألة إقامة المجتمع على أساس من التعاليم الإسلامية؛ لأن ذلك لا يبقي مجالًا لإعمال العقل والعمل باستقلاليته.

٣ - يعمل بشتى الأساليب على التشكيك في ثبوت النصوص، وفي إطلاق النصوص، وفي سلامة الوحي من الخداع والوهم، ثم يؤكد أنها لو تمت فإنما تعطينا واجباتنا (لأول وهلة) والذي نسعى إليه هو واجباتنا الفعلية.

<<  <  ج: ص:  >  >>