للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وإذا كانت الطبقة الجديدة قد حققت مركزة الدولة، ودفعت بها، فإنها ظلت حريصة ألا تدفع بالديمقراطية إلى الأمام، أو أن تدفع بالسلطة إلى الشعب، واكتفت بـ (البرلمانية) أو (النيابة الافتراضية) التمثيلية ... إلخ. وأحيت التقليد الروماني للإمبراطور (أغسطس) ، فجعلت من الجيش مؤسسة محترفة، وليس جيشًا شعبيًّا، وكل هذا - مع البيروقراطية - واقتصاد القلة، بل اقتصاد الطبقة المتطفلة، التي ستكون الطبقة المترفة، والتي بدأت طبقة مترصدة لمن أتى بمنتجاته، لكي تستوفي إذا اكتالت وتُخسِر إذا كالت أو وزنت، طبقة تعتمد على معادلة (نقود - منتجات - نقود زيادة، أي ن - م - ن+) بدلًا من معادلة (منتجات - نقود - منتجات أخرى) ، وهذه المعادلة الأخيرة هي المعادلة التي تلت مرحلة مقايضة منتجات بأخرى (منتجات - منتجات أخرى) ، وهكذا كان التطور الاقتصادي من المقايضة (منتجات بمنتجات أخرى) إلى (منتجات فنقود فمنتجات أخرى) إلى (نقود - منتجات - نقود زيادة) ، إلى مرحلة الرأسمالية المالية (أو نقود - نقود زيادة) ؟!

هذه هي الأصول التاريخية الاجتماعية لهذه التي سموها أسماء (ما أنزل الله بها من سلطان) ؛ من ديمقراطية غير مباشرة إلى ديمقراطية نيابية، إلى برلمانية، وهي بهذا الاسم الأخير أحق.

والبرلمانية، بأصل الكلمة نفسها (Parliaments) ، إنما تعني المناقشة وعقد مؤتمر من أجل الاتفاق على نقطة أو نقاط محددة مع عدو!.

والبرلمانية الغربية بالأصل كانت طبقيًّا دمويًّا، ثم انقلبت إلى صراع حزبي ضار، يبدأ بمعركة انتخابية ضارية، يتصارع فيها عمالقة جدًّا - من الإقطاعيين وأصحاب رأس المال، وأخيرًا الاتحادات العمالية -، وهي معركة شرعية في الغرب؛ لأنها تجري بين خصوم متكافئين داخل مجتمع فاحش الثراء، تزداد ثروته ضخامة كل يوم! أما في مجتمع يزداد فقرًا كل يوم - مثل مجتمعنا العربي - فإن هذه المعركة ليست شرعية أصلًا، بسبب غياب الخصوم المتكافئين من جهة، وتدخل الاختيارات الرأسمالية المالية الدولية (الاستثمارية) من جهة أخرى.

<<  <  ج: ص:  >  >>