للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

إن الانتخابات البرلمانية والحزبية لا تعني في واقعنا العربي المعاصر سوى مسرحية أوروبية مترجمة، يحضرها جمهور محدود جدًّا من المثقفين المغتربين!

هذا هو تاريخهم، وهو مفارق لتاريخنا، وإن الكثير من حلولهم إنما هي لمشكلات قد نشأت في ظل علاقات وظروف كانت تحيط بهم، وهي غير مشكلاتنا، غير علاقاتنا، غير ظروفنا، بل إنها تنطلق من منطلقات، وتسير في مسارات، وتستهدف أهدافًا، غير منطلقاتنا، وغير مساراتنا، وغير أهدافنا.

وكم يطول الحديث لو أننا أردنا أن نحلل تاريخهم ومدى مفارقته لتاريخنا، ولكن يكفينا أن نذكر أن تاريخهم هو تاريخ منهجية الصراع والاختيارات الأوروبية الحديثة قد جاءت صادرة عن فلسفة الصراع ومُمَنهِجَةً له اجتماعيًّا واقتصاديًّا وسياسيًّا عبر تاريخ أوروبا - الذي حاولت أن تمده إلى العالم كله -، وأرقى أداء سياسي تقدمه لنا أوروبا لا يتجاوز في الأصل منهجيتها في الصراع، فمن هذا الصراع نشأت (البرلمانية) الإنكليزية، ومنه نبعت فكرة الطبقة البرجوازية في الثورة الفرنسية، ومنه أيضًا نبع فكر صراع الطبقات الماركسي ... إلخ.

وعلى ما أوضحنا، فإن نظريتهم في (السيادة) هي من روحية الصراع بين الإقطاعي الأكبر الذي توجوه ملكًا، وبين الإقطاعيين الصغار الذين مازالوا يصارعون هذا الإقطاعي الأكبر - ومن التف حوله من إقطاعيين سابقين، صاروا يكونون الطبقة الأرستقراطية -، وكذلك مَن تحالف معهم من الطبقة الجديدة (البرجوازية) ، وليواجه كل هؤلاء (الأعداء) المتحالفين مَن لازال يصارعهم في الداخل، والباب الذي لازال يحاول فرض هيمنته عليهم، وهم يصارعونه.

ومن هنا جاءت نظريتهم في (السيادة) تقول: إن (السيادة) هي إخضاع الجميع في الداخل، وهي رفض أي سيطرة من الخارج.

<<  <  ج: ص:  >  >>