٤ - في أن حكم كل الناس أو الجماعة أو الجمهور أو الأغلبية لا يكفي، وحديث عن الشريعة: في الوقت الذي أكدنا فيه على الشورى، وما تعني من سلطة الجماعة، أكدنا أن سلطة الجماعة تضمن تطبيق (الشريعة) - شريعة الجماعة - تلقائيًّا.
وعلينا هنا أن نوضح الحاجة، بل الضرورة للشريعة، وما هي الشريعة؟ وما يثيره هذا البحث من قضايا ومشكلات.
إن الحاجة للشريعة، والتي وصلت إلى درجة الضرورة، نبعت من كيفية التوفيق بين حق كل الناس؛ وكل من الناس. في ممارسة حقوقه التي ولد بها، وولدت معه.
وبتعبير متكافئ فإن الحاجة للشريعة، والتي وصلت إلى درجة الضرورة، نبعت من إشكالية:
(الحرية والنظام، كيف التوفيق؟)
وما الحرية إلا (المجال) الذي يمارس فيه كل الناس حقوقهم كأناسي، ولدوا بهذه الحقوق، وحقوق الإنسان هي مجسدة فيه؛ فالإنسان له رأس، فله الحق أن يتفكر ويعقل، وله أذنان، فله الحق أن يسمع، وأن تصل إليه كل المعلومات المسموعة ليتبع أحسنها، وله عينان، فله أن يطلع ويمتد بصره إلى أقصى الآفاق، وله أنف، فله حق استنشاق الهواء النقي بعيدًا عن كل تلوث، وله شفتان، فله أن يتحدث ويقول، وله قلب، فله أن يحب، وأن ينبض قلبه بكل الحب والمشاعر الخيرة، وله بطن، لا بد أن تتلقى لقيمات تسد أودها، وله يدان يعمل بهما، فله حق العمل، وله رجلان، فله أن يسعى في الأرض وينتقل ... إلخ.
ولكنه لكي يمارس (أي الإنسان) هذه الحقوق، عليه أن يعرف أن للآخرين نفس الحقوق، وبالتالي فإن خير ممارسة للحقوق هو أن تكون بعدل (والعدل إعطاء بمساواة) . فممارسة الحقوق، وبعدل، وهي أعلى المستويات التي تتيحها الحرية.