وعلينا أن نذكر أن الإسلام يرفض عبادة غير الله، ولا يشرك به من شيء أو شخص، فهو يعلن تسخير كل ما في الكون للإنسان، ويحرر الإنسان من الخضوع للطبيعة، كما أن الإسلام يستنكر تحريم زينة الله التي أحلها لعباده، ويستنكر تحريم الطيبات، ويؤكد حلها، وفي الإسلام لا احتكار لمعرفة أو سلطة أو ثروة، ولا رجال دين! ولا حكومة إلهية، بل حكومة كل الناس وشورى بينهم ويقدمون (أولي) أمر (منهم) - فلا وصاية (عليهم) أو (فيهم) !!!.
ودعوة التوحيد تستهدف المساواة بين الناس، في الاعتبار الإنساني، وفي البقاء في المستوى الإنساني، وفي المشاركة في خصائص الإنسانية من الصواب والخطأ، فليس هناك في نظر الإسلام مكان في جماعة المؤمنين، أو في المجتمع الإسلامي، لنزاع حول السلطة، على أساس أن بعض المجموعات في المجتمع تتميز عن المجموعات الأخرى.
ومع أن انتقال العلوم الإسلامية وتعلم اللسان العربي أثرا بدرجة كبيرة على العقائد المسيحية (وحتى مارتن لوثر كان وليد الأثر الإسلامي على أوروبا) ولكن النهضة الفكرية والعلمية ظهرت في أوروبا كحركة علمانية!.
وعلى كلٍّ، فإن الثورة العلمية والثورة الجمهورية اللتين ظهرتا في أوروبا إنما كانتا نابعتين من عين الثورة الإسلامية التوحيدية!، ولكن الغرب أعطى هاتين الثورتين صبغة علمانية! فأفقدهما ذلك الأساس الفكري القائم على التوحيد الذي يحرر الناس من الأوهام، ويقيم في الواقع الاجتماعي قيم الحرية والمساواة والتآلف والتآخي والوحدة.