ومن هنا نقول مع (كولن ولسون) المفكر البريطاني المعروف: إن إنسان هذا العصر صار تافهًا أو لا منتميًّا كما سماه في كتابه، وذلك لأنه شبع جسديًّا وخسر روحه. وأتيت بهذا القول لأبين أن هناك من الغربيين من انتقد التوجه الديمقراطي والابتعاد عن الناحية الروحية. ولا يمكن للإنسان أن يسترد روحه إلا بالإسلام، فإن الإسلام هو المكافئ الآخر للجسد، وبدون هذا التوازن الذي يحدثه الإسلام بين الجسد والروح، بين الدين والحياة لا يمكن للإنسان أن يستعيد حريته، بل سيصير عبدًا لما يبتكره من آلات، حيث تنتقل إليه روح الآلة وسلوكها وبهذا يتحول إلى مستجيب لما ابتكر لا قائد له وهذا أكبر الخسران، والله سبحانه وتعالى يقول: {وَابْتَغِ فِيمَا آَتَاكَ اللَّهُ الدَّارَ الْآَخِرَةَ وَلَا تَنْسَ نَصِيبَكَ مِنَ الدُّنْيَا وَأَحْسِنْ كَمَا أَحْسَنَ اللَّهُ إِلَيْكَ} [القصص: ٧٧] .
أخلص إلى بعض المقترحات، آمل أن تكون موضع دراسة واهتمام من الإخوة المشاركين.
١ - إبراز مشروع إسلامي نهضوي شامل يشرح قيم الإسلام الثابتة عبر وسائل العصر وبخاصة شبكات المعلومات.
٢ - إبراز كيان إسلامي جغرافي يمتد على أكبر رقعة من العالم الإسلامي بقيادة تأخذ بالحسبان أن عصر الأقاليم الصغيرة قد انتهى، وأن عصر التكتلات الكبرى قد بدأ، وأن التأخر عن الوصول إلى محطات الكبار تعني الموات والاندثار. وهذا ما أشار إليه الأخ عبد اللطيف وربط ما بين الوحدة ومحاربة العلمنة، وفعلًا هناك ارتباط وثيق بين معالجتنا للعلمنة عن طريق الوحدة.
٣ - إبراز كيان اقتصادي إسلامي متكامل يرتكز على منظومة نقدية واحدة تدخل سلة العملات الصعبة وسوق التجارة الدولية كشريك للدولار والجنيه والروبل والين والفرنك ولتكن الدينار أو الدرهم.
٤ - النهوض بمشروع إسلامي عملاق يترجم الكنوز المعرفية الإنسانية للفكر الإسلامي وما يحمله من نجاعة في إشفاء الأمراض الاجتماعية المعاصرة.
٥ - السعي نحو إنشاء منظومة إعلامية إسلامية لها وكالات قطرية تنقل أخبار الأمة إلى سواها من الأمم، وتقوم مع تسويق المعلومة الصحيحة عن الإسلام والمسلمين. وهذا قد بُدئ به من قبل المحطات الفضائية في بعض الدول العربية.
٦ - إبراز فلسفة تربوية إسلامية وفق رؤية واضحة تشرح وتؤسس لمناهج المدارس والجامعات ومراكز البحوث؛ من أجل صياغة واحدة وخطاب تربوي واحد.
٧ - شرح المفاهيم التي تتردد في معرض المباهاة، مثل: التعددية ولابد من بيان الإسلام وموقف الإسلام من هذه التعددية والضوابط لهذه التعددية لا أن نطلقها على علاتها، وكل ذلك من خلال الحرية الواعية والمسؤولة وخلق حوافز الإبداع، دون تشدد أو استمداء.
بهذه المقترحات يمكن صياغة رد إسلامي على المشروع الغربي الذي يُعدُّ منذ قرون، وليس تنفيذ هذه المقترحات بالأمر المستحيل والله مع العلماء العاملين.
وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
والسلام عليكم.