فينبغي أن نعلم علمًا دقيقًا وشاملًا أن في هذا العالم لا يوجد إلا إسلام أو لا إسلام، وأن الغرب والشرق كليهما جماعات وأفرادًا يسيرون في مستنقع الإلحاد وعدم الاعتراف بوجود الدين الإلهي السماوي، ويعلم هؤلاء علمًا يقينًا أن الحصن المتين الذي يمثل الدين الإلهي إنما هو الإسلام، صرحوا بذلك في كتبهم وعلى ألسنة ساستهم وفي مختلف المجالات، ولذلك فهم يركزون على تفريغ الإسلام من محتواه، وتخليص العالم مما يسمى بالوحدة الإسلامية، ومما نعانيه الآن من مخططات التفكير الإلحادي في هذه البلاد العربية الإسلامية.
وحينئذ ينبغي أن نعلم أن الطريق الذي سلكوه لتفريغ الإسلام من محتواه إنما هو مجرد العقل، ليس العقل السديد والراجح والصحيح، وإنما العقل الموالف للأهواء والشهوات والنزعات التي تجعل لهؤلاء الساسة والمفكرين والاقتصاديين مرتعًا لكي يحققوا مصالحهم الذاتية ورغباتهم الجانحة ويعصفون بكل الحواجز التي تقف أمامهم والحاجز الرهيب في تقديرهم إنما هو الإسلام. ولكن مع الأسف حينما أرادوا أن يشعلوا نار الفتنة بين المسلمين عن طريق هذه الكتب وهذه النظريات، مرة تنال من كتاب الله، ومرة تنكر السنة النبوية، ومرة تشكك في وجود عقلية إسلامية سديدة، ونحن أمام كل هذه التحديات ينبغي أن نرد عليها ردًا إجماليًّا يتناول تنفيذ الأسس التي توهم السطحيون بأنها أسس علمية سديدة ويمكن الاعتماد عليها.
بالأمس طُرح للنقاش موضوع الوحدة، وأرى أنه يجب الابتعاد عن تكرار ما كتب وقيل في هذا الموضوع منذ أكثر من خمسين عامًا دون أن يصل المفكرون الإسلاميون إلى صياغة واحدة تتفق مع العصر الحالي، فكيف ندعو إلى الوحدة مثلًا والتطبيع مع العدو الإسرائيلي والذل والخضوع والخنوع لدول الاستكبار العالمي إنما هو المهيمن على الساحة الإسلامية؟
أما في قضية العلمانية فينبغي أن ندرك أنه المخطط الخبيث لأن يكون البديل عن الإسلام سواء في النظام السياسي أو النظام الاقتصادي أو الاجتماعي، وينبغي بعد تفنيد شبهات هؤلاء العلمانيين (وهم الطريق إلى الإلحاد) وإحياء كل ما هو سماوي ووحي إلهي أن يكون لنا موقف حازم كموقفنا السابق في هذا المجمع المشرف ضد فرق البهائية والقاديانية وما اتخذناه من قرارات بخصوصها. ينبغي ألا يقل قرارنا بشأن العلمنة عن تلك الأحكام التي أصدرناها بخصوص البهائية والقاديانية بل يزيد، وأن يكون لنا موقف حازم تجاه العلمنة باعتبارها البديل المراد ليحل محل الإسلام، وإذا لم نعِ هذه الحقيقة فلن يكون لقرارتنا أي مردود أو احترام في الوسط الإسلامي والعربي.