بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله، والصلاة والسلام على سيدنا رسول الله وصحبه ومن والاه.
بالنسبة لموضوع هذا الصباح وهو:(الإسلام في مواجهة العلمنة) أو: (العلمنة في مواجهة الإسلام) ولا أدري هل هناك فارق جوهري بين التعبيرين أم لا؟ ولكنني على أية حال ومن خلال ما قرأت من الأبحاث المقدمة الطيبة وما استمعت إليه من الكلمات الطيبة هي الأخرى أرى أن هناك جوانب من الأهمية الانتباه إليها:
القضية الأولى: بالعلمنة من حيث النشأة ومن حيث ما يراد لها حاليًا.
أما من حيث نشأتها فهي قضية غربية محضة، نشأت في الغرب ونمت وترعرت وكانت لها ملابساتها ولها ظروفها، ولها ما لها وعليها ما عليها، وأثمرت ثمرات إيجابية بالنسبة لهم، وأثمرت ثمرات سلبية بالنسبة لهم. كثرة حديثنا عن عيوبها وما فعلته فيهم قد لا يكون الأولى بالرعاية هنا وفي بلادنا الإسلامية هم بأنفسهم أخذوا يدركون ذلك.
القضية الثانية: تتعلق بما يُراد للعولمة اليوم أن تكون نموذجًا عالميًّا تدخل به العولمة العصر الحاضر فيما يتعلق بها. هذه هي قضيتنا. هي نموذج غربي، لهم ما لهم وعليهم ما عليهم، لكن أن تطبق عندنا وأن يراد لها أن تهيمن وتسيطر فهذه هي القضية وهذا هو مربط الفرس. والمواجهة الجادة لهذه القضية - في اعتقادي - لا تكون بالخطب ولا بالمواعظ ولا بالكلمات الكبيرة ولا بأن الإسلام يحاربها ولا بأنها تحارب الإسلام، هذا كله شيء بدهي ومفروغ منه؛ لكننا أمام قضية تحتاج إلى مواجهة إيجابية ومواجهة فعالة ومواجهة جادة لا تكون بمجرد الشجب، وإنما بمنهج علمي موضوعي:{ادْعُ إِلَى سَبِيلِ رَبِّكَ بِالْحِكْمَةِ وَالْمَوْعِظَةِ الْحَسَنَةِ وَجَادِلْهُمْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ}[النحل: ١٢٥] . سبل ووسائل متعددة نصَّت عليها الآية الكريمة نحن للأسف نركز على بعضها ونترك البعض الآخر.