إن هناك أسسًا علمية وموضوعية ينبغي أن نعيها وأن نعمل من خلالها لمواجهة هذا النموذج الذي يُراد له أن يُهيمن علينا، وبعد أن هيمن عليهم وكان له ما له وعليه ما عليه. كيف نواجه هذا النموذج الذي نعرف جميعًا أنه مخالف للإسلام نصًا وروحًا وعقيدة وشريعة. أنا في تصوري أن الأمر جاهز، ويطلب من مجمع الفقه ومن كل المؤسسات العلمية والثقافية الإسلامية أن تقف موقفًا لا ينتهي عند القرارات والشجب والنصائح، وإنما ينبغي أن نتبنى خططًا عملية علمية لهذه المواجهة قد تكون بتفريغ الكثير من علماء المسلمين في تخصصاتهم المختلفة لتبين كيف يواجه الإسلام هذا النموذج. ففي المجال الاقتصادي كيف يواجه الإسلام هذا الخطر، ذلك أن للعلمنة مستنداتها وضلائعها الاقتصادية، فهي نهج للتقدم وهي نهج للتنمية، ومن المؤسف أن واقعهم يؤيد ما يقولونه وأن واقعنا يؤيد ما يقولونه عنا وهو أننا متخلفون. وأسهل سبب يعزون إليه تخلفنا هو الإسلام. لقد تقدموا بتركهم للدين أما نحن فقد تخلفنا لتركنا الدين، ولا ينبغي أن نقف عند المظاهر وظواهر المسائل. لابد من تكوين هيئات علمية وثقافية وبحثية في مختلف المجالات وفي مختلف الدول للتصدي الفعلي لهذا النموذج الغربي الذي يُراد له أن يكون نموذجًا عالميًّا.
فيما يتعلق بالمجال الاقتصادي على سبيل المثال طُرحت قضية الاقتصاد الإسلامي منذ سنوات عديدة، طُرِحَت على البساط النظري والفكري وعلى البساط العملي والتطبيقي، كمواجهة عملية لهذا النموذج العلماني الذي يُراد له إبعاد الدين كلية عن شؤون الدولة وقوقعته في المجال الروحي.
إلى أي مدى نجح هذا العمل في مواجهة هذا البعد؟ هل نجح عمليًّا؟ هل نجح علميًّا ونظريًّا؟ هل هناك رجال يفهمون الهدى الإسلامي الاقتصادي الفهم الجيد الذي يواكب متطلبات العصر ويأتيه ويستطيع أن يأخذ بيديه من كبواته المتعددة؟ سؤال مطروح ينبغي لنا جميعًا معشر العلماء والمهتمين أن ندرسه.