بعض الملاحظات الخفيفة حول الإسلام والتخلف والتنمية، شيء غريب نقرأه ونسمع عنه من دعاة العلمانية بأن الإسلام وراء التخلف. العالم الإسلامي اليوم متخلف هذه حقيقة، متخلف اقتصاديًّا ولا أقول أشياء أخرى، بالتأكيد هو متخلف اقتصاديًّا. لكن لماذا؟ هل لأنه تمسك بدينه؟ أم لأنه أعرض عن دينه؟ هنا ينبغي على علماء الاقتصاد أن يبيِّنوا أن سبب التخلف ليس هو الإسلام من حيث التمسك به بل من حيث الإعراض عنه، وقد أعرضنا عنه فيما يتعلق بالإنتاج والتوزيع والتبادل والتمويل وفيما يتعلق بكل كبيرة وصغيرة في المجال الاقتصادي فتخلفنا، تركنا الدين فتخلفنا، وتركوا هم دينهم فتقدموا. تلك هي القضية. بعض الأشياء قالها شيخنا الجليل القرضاوي عن العلمانية المحايدة. أنا أرى أنه ليس هناك علمانية محايدة بالنسبة للدين إطلاقًا، وكلمة محايدة والاعتراف بأن هناك علمانية محايدة هذا مكسب للعلمانيين؛ لأن كلمة (محايدة) في المنهج العلمي كلمة إيجابية شيء مطلوب، يقول لك: العلم محايد، أو هذا المنهج محايد. يعني أنها صفة مدح وليست صفة ذم. ليست هناك علمانية محايدة. العلمانية جاءت لتنحية الدين وإقامة أشياء أخرى مقامه.
النقطة الأخرى الإنجيل والتشريع:
يقال كثيرًا - ونحن هنا في محفل فقهي وعلمي على مستوى رائع - يقال كثيرًا: إن الإنجيل ليس فيه تشريع، إن المسيحية ليست فيها تشريع وإنما هي مجرد مواعظ، أنا أرى أن هذه القضية في حاجة إلى بحث وبحاجة إلى طرح جيد وطرح من جديد. هل هناك دين ورسول يرسل إلى أمة دون أن يكون له منهج لإصلاح هذه الأمة في دنياها وأخراها؟! كذلك النصوص الدينية: وليحكم أهل الإنجيل بما أنزل الله فيه، وكيف يحكمونك، وعندهم ... يحكم الله، وكذا. إذن قضية أنهم تركوا الدين لمجرد أن المسيحية ليست فيها كذا، هذه قضية خطيرة. كل دين صحيح فيه هدي أو هدى فيما يتعلق بجوانب الحياة المختلفة.
يقال: إن العلمانية أخفقت في كل بلاد العالم الإسلامي. كيف أخفقت؟ أخفقت في ماذا؟ أخفقت في زحزحة الحكم عن الدول الإسلامية؟ أخفقت في زحزحة الاقتصاد عن أن يكون اقتصادًا إسلاميًّا؟ أخفقت في زحزحة الثقافة حتى تكون ثقافة إسلامية؟ أنا أرى أن النتيجة مغايرة. العلمانية بهذا، وللأسف الشديد، لها السطوة والهيمنة ولها الجزء الأكبر وتتطلب منا مواجهة غير التي تُجرى حاليًا.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم، والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.