إننا وقد أزفت أعمال هذا اللقاء المبارك بالختام لتملؤنا السعادة ونحن نستعرض ما دار فيه من نقاش وحوار، وما قُدم فيه من آراء هي بدون أدنى شك إسهام متميز وفريد للعمل الإسلامي الجاد الذي يتعرض له من أهم أركان هذا الدين الخالد. هذه الإسهامات التي انعكست بكل وضوح على عملكم وعرض الفكر الذي انطلقتم منه وعِظَم الفائدة التي ستجنى من ورائه. كما أكدت عِظَم الدور الكبير الذي يقوم به مجمعكم الموقر ضمن المنظومة المباركة لمنظمة المؤتمر الإسلامي التي يتواصل عطاؤها كل يوم في خدمة العمل الإسلامي العظيم.
أصحاب الفضيلة؛
إن أعظم العلوم العلم بكتاب الله وسنة رسوله صلى الله عليه وسلم، بل هو أجل العلوم قدرًا وأعلاها شأنًا؛ إذ هو العلم الذي يُعرف به ما شرعه الله لعباده وأمرهم باتباعه وذلك توقيرًا منه جل شأنه للعالم بدلالة الآيات البينات وعمل الرسول المصطفى صلى الله عليه وسلم وقوله وتقريره.
ومن هنا فإن التفقه في الدين من أعظم ما يتقرب به العبد إلى خالقه. ويؤيد هذا المعنى الدعوة المباركة التي خص بها الرسول صلى الله عليه وسلم عبد الله بن عباس - رضي الله عنهما - بقوله:((اللهمَّ فقهه في الدين وعلمه التأويل)) .
ومن فضل الله - عز وجل - على أمة محمد صلى الله عليه وسلم أن وفق كثيرًا من علماء الأمة العاملين ومجتهديها المجدين إلى حمل لواء هذا العلم، فأصلوا قواعده، وفصلوا مسائله، وتصدوا لإبلاغ الأحكام ما جد من الحاجيات والواقعات في الأزمان المتعاقبة والأماكن المختلفة، وحرصوا كل الحرص على أن تكون مؤلفاتهم مشاعل تضيء طريق السائلين، ومنارات هداية لمن يكونون في الخير راغبين وطالبين.