للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

تمهيد

في تعريف الوقف

ولزومه، ومشروعيته، وأقسامه، وتاريخه وآثاره

ينطلق الإسلام صوب أحكامه وتشريعاته من عقيدته التي تنهض على التوحيد إيماناً بالله الواحد الأحد، وبالرسل والأنبياء، وبالبعث والثواب والعقاب، والقدر خيره وشره، وهي في مجملها عقيدة سهلة ومباشرة وبعيدة عن التعقيد والتشاكس: {لَوْ كَانَ فِيهِمَا آَلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتَا} [الأنبياء: ٢٢] ، كما ينطلق من الخلق الفاضل الذي تقوم ركائزه على الفضيلة، والخير، والحب، والتسامح والرحمة، والمروءة، والمؤاساة، والعدالة، والمساواة، والإنصاف، والوفاء ... وغير ذلك من مكارم الأخلاق التي كانت –منذ أن شرعت – مرعية وغير قابلة للنسخ حتى في عصر الوحي نفسه.

ومن مقتضيات الإيمان بالله الرغبة في ثوابه، والرهبة من عقابه، والإقبال على طاعته، والاهتمام بدور عبادته، ومن مقتضيات مكارم الأخلاق البر بالأرامل، واليتامى، والمساكين، والعجزة، وكبار السن وسواهم من ذوي الظروف الخاصة الذين قعدت بهم ظروفهم تلك – طبيعة كانت أو طارئة – عن الكسب وتحقيق مستوى الكفاية في المعيشة لأنفسهم بجهدهم وحده.

من هذه المعاني انبثق (الوقف) في الإسلام كما انبثقت غيره من وجوه البر والإنفاق، والصدقات.

والوقف في اللغة العربية – وهي الأصل الذي استمد منه المصطلح – مصدر وقف بمعنى حبس ومنع، تقول: وقف الدابة والسيارة بمعنى حبستها ومنعتها من السير، وتقول: وقفت عن السير بمعنى منعت نفسي عنه، وتستعمل مجازاً بمعنى الإطلاع أو الإحاطة، تقول: وقفت على معنى كذا بمعنى اطلعت عليه، ووقفته على ذنبه بمعنى أطلعته عليه، وكما تستخدم في الحسيات تستخدم في المعنويات، تقول: وقف جهوده على فعل الخير بمعنى حصرها فيه وهكذا.

<<  <  ج: ص:  >  >>