للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومفهوم الاستثمار غير مفهوم التنمية (Developpement) ولكنه مرتبط بها، لأن كل استثمار يعني الإنفاق لإنتاج السلع أو تحسين المردودية، إنما هو عمل أو نشاط يدخل في إطار المفهوم الشامل للتنمية، وهذا المفهوم يتنوع حسب التصورات والفلسفات التي تحكم المذاهب الاقتصادية من رأسمالية أو شيوعية، وهو لذلك مفهوم أعم من مفهوم الاستثمار الذي يدخل ضمن القبول بشروط التنمية حسب مذهب دولة المستثمر، مثال ذلك نموذج التنمية الإنجليزي الذي ينبني على أسس المشروع الفردي الحر، وإقرار المنافسة بين الأفراد واعتماد آليات السوق أو جهاز الثمن، ونموذج التنمية الشيوعي في الاتحاد السوفياتي الذي اعتمد على المركزية المتطرفة والتخطيط المركزي الشامل للإنتاج وتوزيع الناتج القومي على قاعدة (من كل حسب طاقته ولكل حسب عمله) وقاعدة ملكية الدولة لكل أدوات الإنتاج واستثناء المشروع الفردي الحر من القبول، ويتضح منه أن مشروع الاستثمار الفردي في المفهوم الغربي يجد دعماً من الدولة التي تؤمن بمفهوم حرية الإنتاج، في حين لا يجد هذا المشروع عند الدولة التي يسود عندها مفهوم الجماعية الشيوعية قبولاً ولا دعماً، كما يتضمن شمول مفهوم التنمية لعملية الاستثمار وخضوع هذه الأخيرة لشروطها العامة.

ومفهوم التنمية في الإسلام ينبني على الوسطية ومراعاة أحكام الشريعة والتقيد بضوابط الأخلاق والتضامن الاجتماعي كما يقول تعالى: {وَكَذَلِكَ جَعَلْنَاكُمْ أُمَّةً وَسَطًا} [البقرة: ١٤٣] .

ضرورة الاستثمار:

استثمار الموارد أمر تتطلبه ضرورات الحياة، فالكائن البشري لا يستطيع البقاء إلا بضمان عيشه، وذلك يكون ببذل الجهد لاستخراج خيرات الأرض والاستفادة من الأموال بالتنمية بوسائل الصناعة والمبادلة والتحويل والنقل والجلب وغير ذلك من الأسباب، ولعمل الإنسان في هذا أثر بالغ، فالسماء لا تمطر ذهباً ولا فضة، والأموال لا تكتسب بالنوم والراحة والكسل، وارتقاء حياة الأمم لا ينال بالتراخي والعبث والإهمال، والحياة بين الشعوب صراع من أجل البقاء، والأقوى هو الذي يصمد في هذه المعركة بما يبذله من أجل رفع مستواه وتحسن ظروف عيشه وملاءمة أوضاعه لمتطلبات عصره.

<<  <  ج: ص:  >  >>