والأوقاف ككل مؤسسة دولة فهي مفتقرة إلى الأجهزة الإدارية التي تستطيع القيام بهذا العمل ومفتقرة إلى سيولة مالية أي إلى أموال نقدية لكي تستطيع أن تنمي مداخيلها وتقوم بواجبها أحسن قيام. فالهدف الأساسي لمباشرة الوقف هو الهدف الاقتصادي لاستثمار أموال الوقف وتوليد دخل نقدي مرتفع بقدر الإمكان يسمح للوقف بتقديم الخدمات المنتظرة منه للمجتمع، وذلك بطرق الاستثمار الحلال. ولاشك أن تقوية القدرة المالية وحسن إدارتها أمر مطلوب مرغوب لأن فيه تحسين مستوى الأداء.
إن الاقتصاديين يلتزمون عادة الطرق الاستثمارية التي تولد أكبر عائد مالي للمستثمر. هذا هو المعيار عموماً عندهم بقطع النظر عن الوسائل التي تتخذ لتحقيق ذلك غير ناظرين إلى الوجهة الإسلامية في طرق هذه الوسائل من حيث الحلية أو الحرمية. ولاشك أن النظرة الإسلامية تمانع في كثير من الطرق التي فيها غرر والتي تؤدي إلى أكل أموال الناس بالباطل في النظر الشرعي.
ونحن لو نظرنا إلى الهدف الأساسي لوجدناه بالنسبة للأوقاف يهدف إلى توليد السلع والخدمات للمجتمع الإسلامي. ولو كان مردود المشروع المالي قليلاً بالنسبة لبعض الطرق إذا كان يحقق هدفاً له اعتبار مهم للمجتمع والذي منه تشغيل اليد العاملة في البلد الذي تكثر فيه البطالة مثلاً.
لا شك أن الأوقاف ينبغي أن تكون أشد تمسكاً من غيرها في تحقيق الأهداف الاجتماعية الإسلامية المتعددة والكثيرة بالإضافة إلى هدف الحصول على معدل ربح مرتفع من استثماراتها. وعلى النظار للأوقاف أن يبحثوا في دائرة مشروعات الحلال عن الطرق التي تولد لها أكبر عائد مالي.
ونحن إذا نظرنا إلى الأوقاف عموماً نلاحظ افتقارها في أكثر البلدان الإسلامية إن لم نقل في جميعها وأن دخلها لا يفي ولا يكفي لتؤدي مهماته الكبيرة والكثيرة فيما أوقفت العقارات لأجلها، فيكون المردود ضعيفاً بعيداً عن المستوى الذي يتطلبه العمل. فنرى مثلاً في كثير من البلدان الإسلامية أن الأوقاف عاجزة عن دفع المرتبات الشهرية لأئمة المساجد بما يلائم الخدمات التي يؤدونها ويناسب مستواهم. وبذلك لا يتقدم لمثل هذه الوظائف أئمة فيهم الكفاءة والمقدرة والمعرفة وحسن الهندام بسبب رواتب غير مجزئة. وهذا يمتد إلى كل الخدمات الأخرى التي تؤديها الأوقاف، ولذا كان في ظل هذا الوضع من المتحتم أن نبحث عن استثمارات حلال تعود بتوفير دخل الأوقاف حتى تتمكن من أداء رسالتها والقيام بما شرعت من أجله.