ثالثاً: نمو الاتجاهات الجادة في العديد من الدول الإسلامية لإحياء دور الوقف في خدمة جهات الخير والنفع العام، والوقف إذا لم يرافقه الاستثمار المجدي بهدف تكثير منفعته المسبلة لهذه الجهات لن يندفع الناس نحو إنشائه، وإلا فإن الوقف يمكن أن ينقلب إلى نوع من تعطيل المال، ولذلك اهتم فقهاؤنا ببيان المسؤولية الكبرى التي يحملها متولو الوقف في إعماره وإصلاحه ليظل يعود بالنفع إلى الجهات التي وقف عليها، وقد باتت تحمل هذه المسؤولية على الأوقاف الخيرية وليس الأوقاف الذرية في معظم الدول الإسلامية وزارات أو إدارات متخصصة في إدارة الوقف وتنميته باعتبارها متولياً عاماً على هذه الأوقاف الخيرية، وأمام ذلك أصبحت هذه المسؤولية تتطلب جهوداً كبيرة لاستحداث صيغ جديدة تلبي احتياجات الاستثمار المتزايدة أمام كثرة الأراضي الوقفية التي باتت تقع تحت مسؤولية هذه الجهات.
وإن تحمل هذه المسؤولية دفع عدداً من هذه الوزارات والإدارات إلى بذل جهود متميزة في استحداث مثل هذه الصيغ وتوظيفها في المجالات الاستثمارية المتعددة، وهذا يتطلب استعراضاً لمثل هذه الجهود ثم دراسة لإمكانية تقويمها على ضوء التطبيق لقياس مدى نجاحها في تحقيق الاستثمار النافع لأراضي الأوقاف مع الإلمام بما قرره الفقهاء في هذا المجال سابقاً ولاحقاً.
رابعاً: أهمية مشاركة قطاع الأوقاف في عملية التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية، لوجود العديد من الأملاك الوقفية التي يجب أن يشارك استثمارها في دفع عملية التنمية في هذه المجتمعات، نظراً لحاجتها لكل جهد اقتصادي يبذل في هذا المجال.
وقد دفع هذا الأمر البنك الإسلامي للتنمية وهو جهة تمويلية إسلامية دولية تحرص على دفع عجلة التنمية الاقتصادية والاجتماعية في الدول الأعضاء وفي المجتمعات الإسلامية في الدول الأخرى إلى تبني إنشاء صندوق لتنمية الأوقاف وتثميرها، يمكن للبحوث المقدمة أن تقف على نظامه الأساسي وإجراءات عمله لبيان حكم الشرع فيها، وذلك بعد استكمال هذه الأمور وتقديمها للمجمع لبيان الأحكام الشرعية الخاصة بها إجازة أو تعديلاً.