خامساً: يلاحظ أن كثيراً من الجهات الوقفية والخيرية في المجتمعات الإسلامية باتت تلجأ إلى صيغة الوقف لتمويل المشروعات الثقافية والتعليمية والصحية والاجتماعية، وأن التوجه الإسلامي أخذ يستجيب لهذه الصيغ وبدأ المحسنون يقفون الأوقاف المنقولة وغير المنقولة لهذه الأغراض، مما يحمل هذه الجهات مسؤولية كبيرة في استثمار هذه الأوقاف لتتمكن من تحقيق الأهداف الخيرة المنوطة بها.
وهنا لابد من التنبيه إلى أن كثيراً من هذه الأوقاف التي أخذت في القيام هي أوقاف نقدية، مما يتطلب اهتماما خاصاً باستثمارها الاستثمار الراشد الذي يحقق أهداف هذه الأوقاف في المجتمع، بالإضافة إلى الاطمئنان إلى استمرارها ونموها باضطراد بإقبال المحسنين عليها عندما يقوم هذا النمو على الاستثمارات النافعة المقبولة شرعاً.
سادساً: وقد اهتمت المملكة الأردنية الهاشمية بهذا الموضوع وتحركت في هذا المجال على أربعة محاور:
المحور الأول: عملية البناء الفقهي وبذل الجهود العلمية المناسبة لتأصيل صور جديدة للاستثمار في المجالات الوقفية.
المحور الثاني: التطوير التشريعي في إصدار القوانين والأنظمة لتنظيم صيغ تؤصل عمليات الاستثمار الوقفي وتفعلها.
المحور الثالث: البناء المؤسسي لجهة فاعلة تتولى تنفيذ ذلك بالعمل على إنشاء مؤسسة عامة مستقلة لتنمية الأوقاف واستثمارها.
المحور الرابع: الاستثمار الميداني في العديد من المشروعات المتنوعة، واستخدام الصيغ المعتمدة في مشروعات استثمارية عملية، مما يمكن من تقويم هذه الصور، وملاحظة كثير من التفصيلات والمشكلات التي يثيرها التطبيق.
ومن هذه الصور التي استخدمت أو تطورت لتستخدم والتي تتطلب جهوداً فقهية لدراستها (الاستبدال، الإجارة الطويلة، المغارسة، سندات المقارضة، عمليات التمويل المصرفي الإسلامي وبخاصة المرابحة، والمشاركة المتناقصة والاستصناع) ، هذا مع ملاحظة أن كثيراً من الصيغ المقترحة تصلح للاستثمار في كثير من القطاعات غير قطاع الأوقاف وفق مبادئ الاقتصاد الإسلامي وأسسه.