للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً-اهتمام الفقهاء بإعمار الوقف وإصلاحه:

واضح مما سبق أن أساس مشروعية الوقف هو استفادة الجهة الموقوف عليها من منفعة العين الموقوفة بشكل مستمر.. وهذا يتطلب أن يكون الوقف عامراً غير خرب، يستمر في تحقيق المنافع المقصودة منه بشكل مناسب، مما يعود بالفائدة على الموقوف عليهم، وإذا تعطل الوقف ولم يعد يحقق منفعة للموقوف عليهم، فلا معنى لاستمراره.. وقد كان هذا واضحاً في النصوص التي قررت مشروعيته في النظر الإسلامي.. فعموم النصوص التي دعت إلى إنفاق المال في سبيل الله من أجل تحقيق انتفاع الجهات المحتاجة يؤكد على ذلك وهو انتفاع هذه الجهات من مردود الأموال الموقوفة.

أما النصوص التي أشارت إلى الوقف بشكل مباشرة فالأمر واضح بين فيها وهي النصوص التي وردت في السنة النبوية الشريفة:

فقد أخرج البخاري ومسلم، واللفظ للبخاري، أن عمر بن الخطاب أصاب أرضاً بخيبر، فأتى النبي صلى الله عليه وسلم يستأمره فيها، فقال: يا رسول الله، إني أصبت أرضاً بخيبر لم أصب مالاً قط أنفس عندي منه فما تأمر به؟.. فقال: ((إن شئت حبست أصلها وتصدقت بها)) ، قال: فتصدق بها عمر على أنه لا يباع ولا يوهب ولا يورث، وتصدق بها في الفقراء وفي القربى وفي الرقاب، وفي سبيل الله وابن السبيل والضيف، ولا جناح على من وليها أن يأكل بالمعروف ويطعم غير متمول (١) ، فمدار الحديث على استمرار منفعة هذه الأرض تحقيقاً لحكمة حبس الأصل عن التداول.. والذي نصح رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر به على أساس مبدأ حبس الأصل وتسبيل المنفعة (٢) .


(١) صحيح البخاري بشرحه فتح الباري: ٥/٣٥٤-٣٥٥؛ صحيح مسلم بشرح النووي: ١١/٨٥-٨٧.
(٢) نيل الأوطار للشوكاني: ٦/١.

<<  <  ج: ص:  >  >>