للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

يقول ابن قدامة في المغنى: "وما لا ينتفع به إلا بالإتلاف مثل الذهب والورق والمأكول والمشروب فوقفه غير جائز ".

وتتضح العلاقة بين الوقف والاستثمار أكثر من خلال ما اشترطه الفقهاء في الموقوف في أن يكون مالاً متقوماً، والمال هو كل ما له قيمة وجاز الانتفاع به في حالة السعة والاختيار، واشتراط هذا الشرط في الموقوف يدل على العلاقة بين الوقف والاستثمار، لاشتراط المالية في الموقوف، وابتداء الاستثمار يكون من هذه المالية. واشترط جمهور الفقهاء في الموقوف أن يكون عقاراً أو منقولاً يتأتى الانتفاع به مع بقاء عينه، والعقار يمثل رأس مال ثابت يقوم عليه الاستثمار، وكذلك الموقوف الذي ينتفع به مع بقاء عينه. ويساعد في تأكيد العلاقة بين الوقف والاستثمار اشتراط التأبيد في رأي جمهور الفقهاء، وأن يكون الموقوف معلوماً علماً تاماً بحيث لا تشوبه جهالة تفضي إلى نزاع، فالجهالة الممنوعة التي تفضي إلى النزاع تمنع دائماً في المعاوضات، وهذا يدل على العلاقة أيضاً بين الوقف والاستثمار.

بالإضافة إلى ذلك هنالك أبواب في الوقف وظيفتها الإشراف عليه، وتنظيمه، واستثماره، كالولاية على الوقف من أجل ضمان سلامته ليكون دائماً صالحاً للاستثمار، كعمارة الأوقاف والإبدال والاستبدال، أو حمايته وضمانه عند غصبه أو الاعتداء عليه، وقد تحدثت بعض البحوث عن هذه الجوانب من جوانب الوقف التي هي وثيقة الصلة بالاستثمار وأفاضت في الحديث عنها.

طرق استثمار موارد الوقف في الفقه: تحدثت البحوث عن طرق استثمار الوقف في الفقه الإسلامي سابقاً وهي: الإجارة، وفي عقد إجارة الوقف يركز الفقهاء على مصلحة الوقف، فيرى الحنفية أن تكون مدة إجارة الوقف سنة في الدار، وثلاث سنين في الأرض الزراعية، ويفتون بإبطال الإيجار لمدة طويلة إلا إذا دعت إليها حاجة كعمارة الوقف بحيث لم يتأتى تعميره إلا عن طريقها، والمالكية يوافقون الحنفية في إجارة الوقف سنة أو سنتين لكنهم يقصرون ذلك على ما إذا كان الوقف على معين، أما إذا كان على جهة عامة كالفقراء ونحوهم فيجيزون أن تمتد مدة الإجارة إلى عشر سنوات ويوافقون الحنفية في إطالة مدة الإجارة إلى أربعين أو خمسين سنة إذا حملت على ذلك حاجة الوقف إلى الإصلاح والتعمير، وفي كل الأحوال فإن الأجرة تكون أجرة المثل، هذا هو العقد الأول المعروف عند الفقهاء الذي يتم به استثمار الوقف.

<<  <  ج: ص:  >  >>