ومن جانب آخر فإن مجال استثمار العقارات الوقفية يجب أن يلتزم بالصيغ المقبولة شرعاً، فلا يمكن أن يبحث هنا عن أي صيغة تقوم على التمويل الربوي الممنوع شرعاً، لذا لابد من تطوير صيغ يتوافر فيها الحل الشرعي وإبقاء ملكية العين الموقوفة، واضح هنا أننا لا نتحدث عن الاستثمار العادي كما ورد في بعض البحوث المقدمة، الاستثمار العادي في الإجارة والمزارعة والمساقاة وغير ذلك، فهذا أمر مقرر في كتب الفقه ونصوصه واضحة، فقد وضعت أحكام خاصة لهذا الاستثمار في مجال الوقف، كأن قيدت مثلاً مدة الإجارة في الدور بسنة، وفي الأراضي الزراعية بثلاث للمحافظة على الأعيان الموقوفة وعدم بقائها في أيدي الناس لمدد طويلة قد تفقدها الوقفية ويدعون ملكيتها، المهم هو التحدي الذي تواجهه جهات الأوقاف في العالم الإسلامي الآن كيف تعمر هذه الأراضي الوقفية الواسعة العديدة ضمن طبيعة الوقف وبما يحقق الاستثمار وفق قواعد الشريعة، وخاصة نحن نتطلع في عالمنا الإسلامي إلى إحياء دور مؤسسة الوقف في خدمة جهات الخير والنفع العام، فإذا لم يرافق هذا الإحياء عملية استثمار جادة لأراضي الأوقاف فإن ذلك يؤدي إلى إحجام المسلمين عن الوقف لأنهم يلاحظون أن كثيراً من الأوقاف مازالت معطلة ولم تستثمر الاستثمار الجاد النافع، ومن هنا تحمل هذه المسؤولية الآن في الدول الإسلامية وزارات وإدارات متخصصة يجب أن تهتم –باعتبارها المتولي العام على الأوقاف- بهذا الجانب الحيوي المهم.
ثم إن مشاركة قطاع الأوقاف في عمليات استثمارية جادة سيساعد في عمليات التنمية الاقتصادية والاجتماعية في المجتمعات الإسلامية ويؤدي إلى توظيف أموال الأوقاف في الخطط الخاصة بالتنمية الاقتصادية والاجتماعية، فلا يصح أن تظل هذه الأموال على كثرتها في بعض الدول معزولة عن المشاركة في عمليات التنمية.