للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ومن ناحية أخرى فإن البيع بالتقسيط تنقطع صلة البائع بالسلعة المبيعة (المعدات) ويتعلق حقه بذمة المشتري فكل الظروف التي تعطل المشتري عن الانتفاع بالأعيان المشتراة لا أثر لها على صفقة البيع، بينما الإيجار فإنه تسقط فيه الأجرة عن المستأجر في كثير من الأحوال كحالة غصب الأعيان المكتراة أو غصب المنفعة.

قال خليل في تعداد ما تسقط به الإجارة ويسقط تبعاً لذلك الأجرة وتنفسخ الإجارة: (ويغصب الدار، وغصب منفعتها) ، قال ابن حبيب: وسواء غصبوا الدور من أصلها أو أخرجوا منها أهلها وسكنوها لا يريدون إلا السكنى حتى يرحلوا (وأمر السلطان بإغلاق الحوانيت) ، ابن حبيب: وكذلك الحوانيت يأمر السلطان بغلقها لا كراء على مكتريها من ربها، ابن يونس: كلما منع المكتري من السكنى من أمر غالب لا يستطيع دفعه من سلطان أو غاصب فهو بمنزلة ما لو منعه أمر من الله كانهدام الدار وامتناع ماء السماء حتى منعه حرث الأرض، فلا كراء عليه في ذلك كله، لأنه لم يصل إلى ما اكترى، وقال أصبغ: من اكترى رحى سنة فأصاب أهل ذلك المكان فتنة جلوا بها عن منازلهم، وجلا معهم المكتري، أو بقي آمناً إلا أنه لا يأتيه الطعام لجلاء الناس فهو كبطلان الرحى بنقص الماء أو كثرته، ويوضع عنه قدر المدة التي جلوا فيها، وكذلك الفنادق التي تكرى لأيام الموسم (١) .

والمشتري بالتقسيط إذا أخل بالوفاء بالتزاماته فإنه يعتبر مديناً ينطبق عليه قوله تعالى: {وَإِنْ كَانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلَى مَيْسَرَةٍ} [البقرة: ٢٨٠] أما المكتري فإنه يسقط حقه في البقاء إذا عجز عن دفع معلوم الإيجار.

هذه بعض الوجوه التي يختلف فيها بيع التقسيط عن الإجارة المنتهية بالتمليك؛ مما يدل على أن غرض المتعاملين لا يتساوى فيه بيع التقسيط والإجارة المنتهية بالتمليك.


(١) التاج والإكليل: ٥/٤٣٣.

<<  <  ج: ص:  >  >>