للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً- الإجارة المنتهية بالتمليك عن طريق البيع بثمن رمزي أو غير رمزي يحدد في العقد:

ويكون السعر الرمزي عادة دولاراً واحداً، وهو يقل كثيراً عن القيمة الحقيقية للعين المؤجرة عند انتهاء عقد الإجارة، على اعتبار أن المؤجر (البائع) قد استوفى قيمة العين من خلال أقساط الأجرة، وبذلك فإن البيع بسعر رمزي عند نهاية أمد الإجارة لا يبعد عن هبة العين إلا من حيث الشكل فقط.

ويلاحظ هنا أن البيع بسعر رمزي يحصل في البنوك الإسلامية تنفيذاً لوعد ملزم من طرف واحد هو المؤجر البنك الإسلامي، ولا نحتاج إلى المواعدة لأنه ليس في غير صالح المستأجر اقتناء العين بالسعر الرمزي، حيث إنه قد دفع فعلاً ثمنها من خلال أقساط الإيجار.

وينبغي أن نلاحظ في كل من البيع بسعر رمزي والهبة أن العقد لا يقدم حماية كافية للمستأجر، بما يحافظ على حقوقه المتمثلة بالزيادات في أقساط الأجرة الناشئة عن إدخال أجزاء الثمن ضمن هذه الأقساط، والتي قصد منها دفع ثمن العين تدريجياً، فإذا طرأ ما يمنع استمرار الإجارة إلى نهاية أجلها، فإن المؤجر يسترد العين وتضيع على المستأجر كل تلك المبالغ التي دفعها لقاء الثمن، يتضح ذلك من بنود صريحة في عقود الإيجار تجعل الأقساط مقابلة للمنافع وحدها بدلاً من المنافع وجزء من ثمن العين، فاتفاقية الإيجار للبنك الإسلامي للتنمية تنص في مادتها الثانية على أن "في مقابل إيجار المعدات للمستأجر يلتزم المستأجر بأن يؤدي للمؤجر أقساط الإيجار"، وأن الهبة يلتزم بها المؤجر فقط بعد سداد جميع الأقساط (المادة ١٢) ، وأن المؤجر، يبقى مالكاً للعين حتى انتقال ملكيتها للمستأجر (المادة ٣) .

وفي هذا ظلم وعدم توازن في التزامات الطرفين العقدية، ونرى أن السبب في ذلك هو أن هذه العقود قد عاملت الإجارة المنتهية بالتمليك، التي هي بطبيعتها عقد تمويلي، معاملة الإجارة البسيطة التي لا تؤول إلى التمليك، فطبقت عليها قاعدة أن الأجرة مقابل المنفعة في حين أن الطبيعة التمويلية للعقد تتضمن أن جزءاً من القسط الإيجاري يقابل المنفعة والجزء الباقي يتجه نحو سداد ثمن العين.

من أجل ذلك ألزمت بعض القوانين (في أمريكا مثلاً) مؤجري السيارات إيجاراً تمويلياً أن يلتزم المؤجر ببيع السيارة إلى المستأجر بثمن محدد في العقد نفسه، كما أن المنافسة بين شركات التأجير التمويلي للسيارات في أمريكا اضطرتها إلى تخفيض القسط الإيجاري إلى الحد الذي يغطي فقط الاستهلاك الحقيقي الناشئ عن الاستعمال العادي للسيارة مضافاً إليه كلفة التمويل البديل المتاح هناك وهو التمويل الربوي البسيط.

<<  <  ج: ص:  >  >>