للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً- الإجارة المنتهية بالتمليك بالبيع التدريجي للعين المؤجرة:

وتتألف هذه الصورة من عقود إجارة متتالية أو مترادفة للحصة التي يملكها الممول (المؤجر) من العين عند بدء كل فترة إيجارية، فتكون الأجرة لقاء منفعة ذلك الجزء، ويترافق مع كل دفعة للأجرة دفع مبلغ إضافي لشراء أسهم أو أجزاء من العين نفسها وتملكها مع منافعها من تاريخ الدفع، ويستمر ذلك حتى دفع أصل ثمن العين بكامله، عندئذٍ ينتهي دفع الأجرة.

وتطبق هذه الصورة بشكل خاص في التمويل العقاري، فهي الصورة التي تطبقها الجمعية التعاونية (الإسلامية) السكنية في تورنتو – كندا، والصيغة التي تستعملها هذه الجمعية فيها هي صيغة التعاقد – لا الوعد – على البيع والإجارة. فيكون كل طرف ملزماً –بالعقد- بالبيع للأسهم المعلومة عند كل دفعة وباستئجار الأسهم غير المملوكة من العين، ويتضمن هذا العقد عادة خياراً للمشتري بزيادة عدد الأسهم التي يشتريها عند كل دفعة أجرة.

ولا يمكن فيها تطبيق الوعد الملزم لطرف واحد، لأن أحوال التمويل العقاري خاصة هي من التغير والتبدل، مع طول فترته في العادة، بحيث يحتاج كل طرف إلى إلزام الطرف الآخر بعلاقة عقدية محددة، لأنه قد توجد ظروف، في وقت أو آخر في المستقبل، تجعل من صالح أي طرف عدم تنفيذ بقية العقد، أي أن المخاطرة المتضمنة في وعد من طرف واحد هي دائماً أكبر مما يستطيع الطرف الآخر أن يتحمله.

ومن الواضح أن هذه الصورة لا تحتوي على بيع ما لا يملك أو لم يقبض، لأن العين المؤجرة في ملك البائع وضمانه، وقد قبضها فعلاً ثم سلمها للمستأجر (المشتري) لاستخلاص منافعها، وإن القبض لكل سهم يباع عند دفع ثمنه حاصل حكماً لوجود العين في يد المشتري بصفته مستأجراً.

أما المواعدة الملزمة من الطرفين فإنها تغني عن التعاقد على البيوع المتتالية في هذه الحالة عند من يراها ملزمة شرعاً وقضاءً، وقد اعتبر مجمع الفقه الإسلامي في دورته الخامسة (١٤٠٩هـ) أن المواعدة الملزمة للطرفين "تشبه البيع نفسه، حيث يشترط عندئذٍ أن يكون البائع مالكاً للمبيع"، [القرار رقم ٢، ٣ للدورة الخامسة المنعقدة في الكويت، ديسمبر ١٩٨٨] ، وفي هذه الصورة من الإجارة المنتهية بالتمليك يحصل تجنب لهذا المحظور لأن البائع مالك للعين التي يبيعها، وإن كانت البيوع المترادفة معلقة على المستقبل، شأنها في ذلك شأن بيع التوريد.

يضاف إلى ذلك أن هذه الصورة من الإجارة المنتهية بالتمليك تتميز تميزاً واضحاً عن المعاملة الربوية، لوجود عين فعلية تباع وتشترى على أنجم، وتستأجر الأنجم غير المملوكة للمشتري عند بدء كل فترة إيجارية،، فهي تتألف من عقود إجارة مترادفة على الأجزاء غير المملوكة للمشتري تتقابل فيها الأجرة في كل فترة إيجارية مع المنافع المملوكة للمستأجر، وعقود بيع مترادفة أيضاً على أنجم من العين تتقابل فيها التزامات الطرفين بانتقال ملكية الثمن وملكية النجم المبيع إلى المشتري، أما المعاملة الربوية فهي زيادة في الدين لا يقابلها شيء.

<<  <  ج: ص:  >  >>