للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وتمتاز هذه الصورة بأنها لا تحتاج إلى وعد –ملزم أو غير ملزم- بالهبة أو البيع، وهي لا تغير شيئاً يتعلق بالمسؤولية عن الصيانة والتأمين خلال فترة الإجارة، لأن العين المبيعة لم يتم تسليمها للمشتري، والمؤجر ما يزال مطالباً بتمكين المستأجر من استخلاص المنافع التي اشتراها، وإن كانت تُخَفِّض قليلاً من الضمانات التي توفرها للممول بالإجارة مع الوعد بالهبة أو بالبيع، لأن الارتباط بعقد البيع منذ بدء التمويل يجعل العين مملوكة للمشتري وإن لم تكن على ضمانه بسبب عدم القبض، فإذا لم يف المستأجر بجميع أقساط الأجرة فإنه ليس في يد المؤجر عدم نقل ملكية العين أو تأخير ذلك كما يحصل في حالة الوعد بالهبة أو بالبيع، وبالتالي فإن هذه الصورة –رغم أنها تبدو أوضح وأرجح من الناحية الفقهية- فإنها تتطلب من المؤجر الحصول على ضمانات أكثر قوة من تلك التي يحصل عليها في الصور الأربعة الأولى.

وهذه الصورة قد قال بها الحنابلة وهي قول عند غيرهم أيضاً، كما رأينا في التمهيد الفقهي، وهي تتمتع بنفس المزايا التمويلية للمستفيد من التمويل ولمقدمه، التي أشرت إليها في مقدمة هذه الورقة، مثلها في ذلك مثل الصور الأخرى، ولا نجد مثلبة لهذه الصورة في مسألة ربط انتقال الملكية بوفاء جميع أقساط الأجرة، لأن هذا الربط قليل الفائدة في الصور الأخرى على كل حال، على اعتبار أن العين هي في يد المستأجر في جميع الأحوال، واهتمام الممول (المؤجر) ينصب في واقع الأمر على حصوله على أقساط الأجرة أكثر مما ينصب على تأخير نقل الملكية إلى المستأجر، والممول في هذا يحرص على تحصيل ضمانات كافية لسداد دين الأجرة أكثر من اهتمامه بالإمساك عن نقل ملكية العين نفسها، وهو يستطيع تحصيل تلك الضمانات في كلا الحالتين على السواء.

ولكننا ينبغي أن نلاحظ أن استثناء المنافع لمدة معلومة يختلف عن الصور الأخرى للإجارة المنتهية بالتمليك من جانب آخر، هو حق المؤجر بأجرة عن المدة الإضافية الناتجة عن التأخير، لأن بقاء العين أو أية أجزاء منها على ملكه مدة إضافية يتيح له استحقاق أجرة لها عن هذه المدة المضافة، في حين لا يمكن زيادة مدة المنافع المستثناة من البيع، وهذا فرق مهم بين هذه الصورة والصورة السابقة مما يضيق من إمكان استعمال هذه الصورة في جميع الحالات التي لا تتوفر فيها ضمانات كافية لعدم التأخير.

<<  <  ج: ص:  >  >>