أما إذا كانت نفقة الصيانة والتأمين غير معلومة، وكانت مما لا يجوز أن يتحمله المستأجر بالشرط، فإن قيام المستأجر بها وكالة عن المالك يلقي على المؤجر عبئاً مالياً فقط، يتمثل بقدر من المخاطرة يتحمله المالك، ويؤثر بالتالي على العائد المتوقع للمؤجر.
على أننا ينبغي أن نلاحظ أن كون الإجارة المنتهية بالتمليك عقداً تمويلياً يعني أن اهتمام الممول يتركز في الحصول على العائد المناسب بطريقة تبيحها الشريعة، لذلك فإن التأمين المناسب لهذا العقد ينبغي أن يشمل الهلاك والتعيب والعائد (الأجرة) الفائت نتيجة الهلاك والتعيب وخلال فترة التعطل بسبب الصيانة التي تقع على عاتق المؤجر.
وهناك ملاحظتان لابد من إضافتهما في معرض الحديث عن نفقات الصيانة والتأمين غير المتوقعة.
الملاحظة الأولى: تركز على إمكان تحميل المستأجر هذه النفقات بصفة يده يد أمانة بالشرط، على الرأي الذي يرى أن تضمين يد الأمانة بالشرط جائز طالما أنه ليس فيه توصل إلى محظور، وليس في تضمين المستأجر هلاك أو تعييب العين المؤجرة توصل إلى محظور، وبخاصة إذا اتضح في الذهن الفارق المميز بين التمويل الإسلامي المشروع والتمويل الربوي.
فالتمويل المشروع يستند إلى وجود سلعة حقيقية تنتج أو تمتلك، ويتم تداولها أو تداول منافعها، وذلك من خلال المشاركات والبيوع والإجارات، أما التمويل الربوي فيقوم على الزيادة في الديون، سواء عند إنشائها بالإقراض الربوي، أم عند إعادة جدولتها بـ "أَنْسيءْ وأَرْبِ".
والإجارة بأشكالها تستند إلى وجود عين حقيقية تمتلك وتباع منافعها، فهي تختلف اختلافاً جوهرياً مؤثراً في الحكم عن المعاملة الربوية، فلا يكون في ضمان يد الأمانة فيها توصل لاستباحة محظور، وذلك لبقاء الفارق المميز منذ بدء المعاملة التمويلية الإيجارية إلى نهايتها.