أما الملاحظة الثانية: فتتعلق بخدمة التأمين نفسها، وهنا لابد من تأكيد أن الأخطار المؤمن عليها يمكن أن تشمل الهلاك التام والجزئي وكل تعيب يؤدي إلى فوات المنافع أو صعوبة كبيرة في تحصيلها، إضافة إلى بدل المنافع الفائتة أو ثمنها (الأجرة) ، فهو يشمل إذن جميع أنواع الصيانة غير المعلومة عند عقد الإجارة فضلاً عن فوات الأجرة بسببها، وخدمة التأمين هذه هي مما يمكن وصفه وبيانه بدقة كبيرة بحيث تحدد جميع عناصر ومشمولات هذه الخدمة.
وهذه المخاطر تتأثر كثيراً جداً بالأشخاص الذين يشغلون الآلات وغيرها من الأعيان المؤجرة، مع تفاوت واضح في هذا التأثير بين الآلات الثابتة كالمولدات الكهربائية مثلاً، والآلات المتحركة كالسيارات والبواخر، والمباني كالمصانع والهكتارات، والأراضي، فكل نوع من الأعيان يتأثر بالمستأجر (المشغل) بدرجة تتفاوت عن الأنواع الأخرى، فاحتمالات حدوث المخاطر في السيارات مثلاً قد دلت التجارب المتكررة والمعلومات الإحصائية أنها تتأثر بعمر السائق، وحالته العائلية من متزوج أو أعزب أو مطلق أو أب لأطفال صغار أو كبار، وحالته الصحية، ومستواه التعليمي، وعاداته الاجتماعية، وما يتناوله عادة من مشروبات، وكونه مدخناً أو غير مدخن، وجده واجتهاده إن كان طالباً ثانوياً أو جامعياً، وطبيعة عمله وبعده أو قربه من سكنه، وأسلوبه في قيادة السيارة، وعدد وأعمار من يركبون معه عادة، وأغراض استعماله للسيارة للعمل أم للنزهة أم للأسرة وحاجاتها أو غير ذلك، وحالته النفسية وما يتعرض له عادة من ضغوط، ومدى توفر سيارات أخرى لدى الأسرة، والمنطقة التي يستعمل سيارته فيها أو يعيش فيها، وتوفر موقف خاص للسيارة في البيت أو العمل من عدم ذلك، وعوامل كثيرة أخرى، وكذلك التغيرات المتوقع حصولها في فترة التأمين على كل ذلك مقدرة من متغيرات الماضي، فالمطلق مثلاً غير صاحب الأسرة المستقرة والذي يكثر تبديل عمله غير صاحب العمل المستقر.
ومثل ذلك قيادة الطائرات والبواخر وغيرها من الآلات المتحركة، كما ينطبق ذلك –إلى درجة أقل- على معظم أنواع الآلات الثابتة التي يشغلها أشخاص أو التي تعمل بصورة أوتوماتيكية متتالية، كما ينطبق إلى درجة أقل على المباني، ويضاف هنا أيضاً أساليب الشركة في تدريب ملاحيها وعمالها، ومعاملتهم، ونظام العمل وساعاته، وأساليبها في الصيانة والفحص الاحتياطي والدوري وغير ذلك من عناصر، مما لا يمكن ضبطه بالنظم القانونية وحدها، فلا تكتفي شركات التأمين بتوفر رخصة القيادة مثلاً ولا بالعمر القانوني للسائق.