للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإجارة في اصطلاح الفقهاء:

عرفها الحنفية: بأنها عقد على المنافع بعوض (١) ، وعرفها بعضهم بأنها: تمليك يقع بعوض (٢) ، وجاء في الذخيرة: "هي بيع المنافع" (٣) وقال الحطاب: "وقال في اللباب: حقيقتها تمليك منفعة معلومة زمناً معلوماً بعوض معلوم ... ، وقول القاضي: معاوضة على منافع الأعيان؛ لا يخفى بطلان طرده ... " (٤) .

وقد فرق المالكية بين الإجارة والكراء فخصصوا تمليك منفعة الآدمي باسم الإجارة، ومنافع المتملكات باسم الكراء، لكن بعضهم قد يستعمل الإجارة بمعنى الكراء وبالعكس عن طريق المجاز (٥) .

قال الدردير: "وهي والكراء شيء واحد في المعنى: هو تمليك منافع شيء مباحة مدة معلومة بعوض، غير أنهم سموا العقد على منافع الآدمي وما ينقل غير السفن والحيوان إجارة، والعقد على منافع ما لا ينقل كالأرض والدور، وما ينقل من سفينة وحيوان كالرواحل كراء" (٦) .

وعرفها الشافعية بأنها تمليك المنفعة بعوض (٧) .

وعرفها الحنابلة بأنها بيع المنافع (٨) ، وجاء في منتهى الإرادات: "الإجارة شرعاً عقد على منفعة مباحة معلومة مدة معلومة من عين معينة، أو موصوفة في الذمة، أو على عمل معلوم بعوض معلوم ... " (٩) .

ويفهم من كلام ابن حزم الظاهري أن الإجارة عقد وارد على منفعة كل شيء له منفعة ولا يستهلك عينه (١٠) .

وهذه التعاريف متقاربة من حيث النتيجة، إلا أن التعريف الأخير مفصل أكثر من غيره، ومبين فيه عناصر الإجارة الأساسية.

ولا يختلف معناها في القانون عما ذكرناه، فقد عرفت المادة (٥٥٨) من القانون المدني المصري الإيجار بأنه: "عقد يلتزم المؤجر بمقتضاه أن يمكن المستأجر من الانتفاع بشيء معين مدة معينة لقاء أجر معلوم".

بل استعمل القانون المدني العراقي التعريف الفقهي فنصت مادته (٧٢٢) على أن: "الإيجار تمليك منفعة معلومة بعوض معلوم لمدة معلومة، وبه يلتزم المؤجر أن يمكن المستأجر من الانتفاع بالمأجور".

ويطابق تعريفه في القانون المدني السوري المادة (٥٢٦) وفي القانون المدني الليبي في مادته (٥٥٧) ما ذكره القانون المصري السابق (١١) .


(١) يراجع: الهداية مع تكملة فتح القدير وشرح العناية، ط. مصطفى الحلبي بالقاهرة: ٩/٥٨؛ والفتاوى الهندية، ط. دار إحياء التراث العربي ببيروت، ط. رابعة ١٤٠٦هـ: ٤/٤٠٩؛ وبدائع الصنائع، ط. الإمام بمصر: ٥/٢٥٥٤.
(٢) حاشية ابن عابدين، ط. دار إحياء التراث العربي ببيروت عام ١٤٠٧هـ: ٥/٢؛ ويراجع تحفة الفقهاء للسمرقندي، ط. قطر: ٢/٥١٤.
(٣) هذا وقد وردت على التعريفين بعض الاعتراضات منها: أنهما غير مانعين من دخول النكاح، وقد أجاب صاحب تكملة فتح القدير: ٩/٥٨، بأن الإجارة عقد على المنافع بعوض، أو تمليك.. في حين أن النكاح عقد على العين نفسها فقال: "المملوك بالنكاح في حكم العين حتى لا ينعقد إلا مؤبداً ... ".
(٤) مواهب الجليل، ط. دار الكتب العلمية ببيروت عام ١٤١٧هـ: ٧/٤٩٣.
(٥) المرجع السابق نفسه.
(٦) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي، ط. عيسى الحلبي بالقاهرة: ٤/٢؛ ويراجع لمزيد من التفصيل: المدونة للإمام مالك، ط. السعادة بمصر عام ١٣٢٣هـ؛ وعقد الجواهر الثمينة في مذهب عالم المدينة لابن شاس، ط. دار الغرب الإسلامي: ٢/٨٣٥؛ وشرح الخرشي، ط. بولاق بمصر ١٣١٧هـ: ٧/٢؛ وبلغة السالك، ط. عيسى الحلبي بالقاهرة: ٣/١١٧؛ والاستذكار لابن عبد البر، ط. مؤسسة الرسالة: ٢١/٢٤٥؛ والتمهيد لابن عبد البر، ط. مجموعة التحف والنفائس الدولية للنشر والتوزيع بالسعودية: ١٢/٣٤٥.
(٧) الغاية القصوى في دراية الفتوى للبيضاوي، تحقيق د. علي القره داغي، ط. دار الإصلاح بالدمام: ٢/٦١٩؛ ويراجع روضة الطالبين، ط. المكتب الإسلامي بدمشق: ٥/١٧٣؛ والأم، ط. دار المعرفة: ٤/١٤؛ وحاشية القليوبي وعميرة على شرح المحلى، ط. دار إحياء الكتب العربية بمصر: ٣/٦٧؛ وفتح العزيز بهامش المجموع: ١٢/١٧٥؛ والحاوي الكبير، ط. دار الكتب العلمية ببيروت:٧/٣٨٨.
(٨) المغني لابن قدامة، ط. الرياض الحديثة: ٥/٤٣٣؛ ويراجع المبدع في شرح المقنع، ط. المكتب الإسلامي: ٥/٨٢.
(٩) منتهى الإرادات، مع شرح البهوتي، ط. عالم الكتب العلمية ببيروت: ٢/٢٤١.
(١٠) المحلي لابن حزم، ط. دار الاتحاد العربي للطباعة بمصر: ٩/٣.
(١١) الوسيط في شرح القانون المدني للدكتور عبد الرزاق السنهوري، ط. دار النهضة العربية بالقاهرة: ٦/٣؛ وعقد الإيجار للدكتور سليمان مرقس الطبعة الثانية بالقاهرة، ١٩٥٤م، ص٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>