ورد لفظ الأجر ومشتقاته في القرآن الكريم حوالي مائة وثماني مرات، منها الآيات الواردة في سورة القصص بخصوص قصة سيدنا موسى في مدين وأخذ أجرة سقيه، ثم جعله أجرته مهراً لزوجته حيث يقول الله تعالى: {فَسَقَى لَهُمَا ثُمَّ تَوَلَّى إِلَى الظِّلِّ فَقَالَ رَبِّ إِنِّي لِمَا أَنْزَلْتَ إِلَيَّ مِنْ خَيْرٍ فَقِيرٌ (٢٤) فَجَاءَتْهُ إِحْدَاهُمَا تَمْشِي عَلَى اسْتِحْيَاءٍ قَالَتْ إِنَّ أَبِي يَدْعُوكَ لِيَجْزِيَكَ أَجْرَ مَا سَقَيْتَ لَنَا فَلَمَّا جَاءَهُ وَقَصَّ عَلَيْهِ الْقَصَصَ قَالَ لَا تَخَفْ نَجَوْتَ مِنَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (٢٥) قَالَتْ إِحْدَاهُمَا يَا أَبَتِ اسْتَأْجِرْهُ إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ (٢٦) قَالَ إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ عَلَى أَنْ تَأْجُرَنِي ثَمَانِيَ حِجَجٍ فَإِنْ أَتْمَمْتَ عَشْرًا فَمِنْ عِنْدِكَ وَمَا أُرِيدُ أَنْ أَشُقَّ عَلَيْكَ سَتَجِدُنِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّالِحِينَ (٢٧) قَالَ ذَلِكَ بَيْنِي وَبَيْنَكَ أَيَّمَا الْأَجَلَيْنِ قَضَيْتُ فَلَا عُدْوَانَ عَلَيَّ وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} [القصص: ٢٤-٢٨] .
فهذه الآيات تضمنت صورة عقد متكاملة للإيجاز كما تضمنت ضوابط وآداباً للإجارة ونحوها، فالعقد قد تم بين العاقدين وهما:
سيدنا موسى عليه السلام والشيخ الكبير على أساس أن المعقود عليه هو العمل في الرعي ونحوه لمدة ثماني سنوات أو عشر سنوات في مقابل إنكاح ابنته ومهرها، والصيغة تتمثل في إيجاب الشيخ الكبير، وقبول موسى عليه السلام.
ويستفاد منها أن الإيجاب (أو القبول) يمكن أن يتحقق بفعل المضارع ما دامت القرائن تدل على الإنشاء دون الوعد، كما أن القبول قد يتم بأي صيغة تدل عليه مثل:"ذلك بيني وبينك"دون الالتزام بلفظ مخصوص، وهذا هو ما يسمى بمبدأ الرضائية في العقود.