للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الإيجار في السنة المطهرة:

تكفلت السنة النبوية المشرفة بتفصيل الإجارة وكثير من أحكامها وآدابها، فقد خصص البخاري أحكامها بكتاب خاص سماه: كتاب الإجارة، وذكر فيه اثنين وعشرين باباً، واشتمل على ثلاثين حديثاً، المعلق منها خمسة، والبقية موصولة، ووافقه مسلم على تخريجها سوى أربعة أحاديث، وفيه من الآثار ثمانية عشر أثراً (١) .

وكذلك فعل أبو داود في جامع سننه وقد ذكر باب استئجار الرجل الصالح، ثم باب رعي الغنم على قراريط وذكر فيه حديثاً بسنده إلى أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ((ما بعث الله نبياً إلا رعى الغنم)) ، فقال أصحابه: وأنت؟ فقال: ((نعم، كنت أرعاها على قراريط لأهل مكة)) (٢) .

ثم ذكر باب استئجار المشركين عند الضرورة، أو إذا لم يوجد أهل الإسلام فأورد بسنده عن عائشة رضي الله عنها: "استأجر النبي صلى الله عليه وسلم وأبو بكر رجلاً من بني الديل، ثم من بني عبد بن عدي هادياً خريتاً". –الخريت الماهر بالهداية-.

ثم ترجم باب: إذا استأجر أجيراً ليعمل له بعد ثلاثة أيام –أو بعد شهر أو بعد سنة- جاز، وأورد الحديث السابق للدلالة على ذلك "ثم ترجم باب الأجير في الغزو، وباب: إذا استأجر أجيراً فبين له الأجل ولم يبين العمل واستدل في ذلك بقوله تعالى: {إِنِّي أُرِيدُ أَنْ أُنْكِحَكَ إِحْدَى ابْنَتَيَّ هَاتَيْنِ} إلى قوله تعالى: {وَاللَّهُ عَلَى مَا نَقُولُ وَكِيلٌ} حيث مال البخاري إلى جواز ذلك، قال الحافظ ابن حجر: "ووجه الدلالة منه أنه لم يقع في سياق القصة المذكورة بيان العمل، وإنما فيه أن موسى أجر نفسه من والد المرأتين"ثم قال: "قال المهلب: ليس في الآية دليل على جهالة العمل في الإجارة، لأن ذلك كان معلوماً بينهم، وإنما حذف ذكره للعلم به، وتعقبه ابن المنير بأن البخاري لم يرد جوازاً أن يكون العمل مجهولاً، وإنما أراد أن التنصيص على العمل باللفظ ليس مشروطاً، وأن المتبع المقاصد، لا الألفاظ (٣) .


(١) فتح الباري: ٤/٤٦٣.
(٢) صحيح البخاري مع فتح الباري، ط. السلفية: ٤/٤٣٩-٤٤١.
(٣) فتح الباري شرح صحيح البخاري: ٤/٤٤٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>