للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

علاقة الإجارة بالعقود الأخرى:

١-مع البيع:

فهي تشبه البيع من حيث إن فيها نقلاً لملكية المنفعة إلى الآخرة، لكنها تختلف عنه كثيراً لأن نقل الملكية في الإجارة خاص بالمنفعة فقط، وأنه نقل مؤقت بزمن محدد في حين أن البيع نقل لملكية المنفعة والرقبة معاً، أو لإحداهما على سبيل التأبيد، ومن جانب آخر فإن البيع لا يجوز إلا أن يكون منجزاً في حين أن الإجارة تقبل الإضافة حتى التعليق –كما سيأتي-.

ومن جانب ثالث فإن البيع يقتضي استيفاء المبيع دفعة واحدة، في حين أن الإجارة تقتضي استيفاء المنفعة خلال الزمن المحدد.

وأيضاً إنه ليس هناك تلازم بين ما يجوز بيعه وما لا يجوز وبين ما تجوز إجارته وما لا تجوز، فالإنسان لا يباع، ولكنه يؤجر، والطعام لا يؤجر، ولكنه يباع (١) .

قال ابن حزم: "الإجارة ليست بيعاً.. ولو كانت بيعاً لما جازت إجارة الحر.. ولا يختلفون في أن الإجارة إنما هي الانتفاع بمنافع الشيء المؤاجرة التي لم تخلق بعد، ولا يحل بيع ما لم يخلق" (٢) .

٢-مع الإعارة:

تتفق الإجارة مع الإعارة في أن كلاً منهما تمليك منفعة ولكنها تختلف معها في أن الإجارة تمليك لها بعوض، وهي بدون عوض، وفرق البعض بينهما فرقاً آخر، وهو أن الإعارة ليست تمليكاً، وإنما هي إباحة، ويترتب على ذلك آثار كثيرة (٣) .

٣-مع الجعالة:

تتفق الإجارة معها في أن الجعالة عقد قائم على المنفعة أيضاً، ولكنها تختلف عنها في أنها عقد على منفعة مظنون حصولها وأن الجاعل لا ينتفع بجزء من عمل العامل، وإنما بتمام العمل، إضافة إلى أن الجعالة عقد غير لازم قبل إتمام العمل (٤) .

٤-مع الاستصناع:

تتفق الإجارة مع الاستصناع في أنه أيضاً وارد على منفعة ولكنه يختلف معها في أنه عقد قائم على العمل والعين الموصوفة في الذمة (٥) إضافة إلى أن دائرة الإجارة أوسع بكثير منه حيث الإجارة تكون للأعيان والأشخاص.


(١) يراجع كتاب البيع في الكتب الفقهية، والموسوعة الفقهية: ١/٢٥٣، ومصطلح الإعارة منها.
(٢) المحلى لابن حزم: ٩/٣-٤.
(٣) يراجع كتاب الإعارة في كتب الفقه، والموسوعة الفقهية: ١/٢٥٣.
(٤) يراجع كتاب الجعالة في كتب الفقه، ومصطلح الجعالة في الموسوعة الفقهية.
(٥) يراجع لمزيد من التفصيل: عقد الاستصناع بين اللزوم والجواز، وبين الاستقلال والاتباع، للدكتور علي القره داغي المقدم إلى مجمع الفقه الإسلامي بجدة في دورته السابعة.

<<  <  ج: ص:  >  >>