للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثالثاً: الأصل أنه لا يجوز أن يشترط المؤجر على المستأجر صيانة العين مما قد يحصل بها من الخلل، فإن وقع العقد بهذا الشرط فسد، للجهالة.

ويستثنى من ذلك الحالات التالية:

١-الصيانة التشغيلية وهي ما يستلزمه استعمال العين المستأجرة لاستمرارية استخدامها (كالزيوت المطلوبة للآلات والمعدات) .

٢-الصيانة الدورية، وهي ما يتطلبه استمرار قدرة العين على تقديم المنفعة.

٣-الصيانة المعلومة، بالوصف والمقدار في العقد، أو العرف، سواء كانت الصيانة مجرد عمل أو مع استخدام مواد أو قطع غيار معلومة، لأن ما كان من هذا القبيل فإنه بمثابة أجرة مأخوذة في الاعتبار.

رابعاً: إن أذن المؤجر للمستأجر في العقد أو بعده أن يقوم بإصلاحات معينة في العين فله أن يفعل ذلك ثم يكون له أن يرجع على المؤجر بما أنفقه عنه، ما لم يكن المؤجر قد اشترط أن لا رجوع عليه، أما إن قام المستأجر بعمل صيانة للعين المستأجرة بدون إذن المؤجر فليس له أن يرجع عليه بشيء، بل يكون متبرعاً. "انتهى نص القررا".

الصيانة في الفقه الإسلامي:

تدخل هذه المسألة ضمن ما يلزم به شرعاً المؤجر، أو المستأجر، ولذلك تحدث الفقهاء عن التزامات المؤجر، والمستأجر، فقالوا على المؤجر ما يتمكن به من الانتفاع كتسليم المفتاح، وعليه بناء حائط إن سقط، وإبدال خشبه إن انكسر، وعليه تبليط الحمام وعمل الأبواب ومجرى الماء، لأنه بذلك يتمكن من الانتفاع.

وأما ما كان لاستيفاء المنافع كالحبل والدلو والبكرة في إجارة البئر فعلى المكتري (١) .

وقال النووي: "ما تحتاج إليه الدار المكراة من العمارة ثلاث أضرب:

أحدها: مرمة لا تحتاج إلى عين جديدة كإقامة جدار مائل وإصلاح منكسر، وإغلاق مفتوحة.

الثاني: ما يحوج إلى عين جديدة كبناء، وجذع جديد، وتطيين سطح.

الثالث: عمارة يحتاج إليها لخلل قارن العقد بأن أجر داراً ليس لها باب ولا ميزاب.

ولا يجب شيء من هذه الأضرب على المستأجر، بل هي من وظيفة المؤجر، فإن بادر إلى الإصلاح فلا خيار للمستأجر، وإلا فله الخيار إذا نقصت المنفعة.. وإنما يثبت الخيار في الضرب الثالث" (٢) .

وجاء في الذخيرة "على رب الدار كنس المرحاض، وإصلاح الواهي حتى يتمكن من المنفعة" (٣) .

وجاء في الدر المختار: "وعمارة الدار المستأجرة وتطيينها (أي تطيين سطحها) وإصلاح الميزاب، وما كان من البناء على رب الدار، وكذا كل ما يخل بالسكنى، فإن أبي صاحبها أن يفعل كان للمستأجر أن يخرج منها إلا أن يكون المستأجر استأجرها وهي كذلك وقد رآها لرضاه بالعيب، وإصلاح بئر الماء والبالوعة والمخرج على صاحب الدار" (٤) .


(١) يراجع: المغني لابن قدامة: ٥/٤٥٨؛ والروضة: ٥/٢١١.
(٢) الروضة: ٥/٢١٠.
(٣) الذخيرة: ٥/٤٩٣.
(٤) الدر المختار مع حاشية ابن عابدين: ٥/٤٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>