للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وذكر ابن عابدين أنه جاء في البزازية "أن تسييل ماء الحمام وتفريغه على المستأجر وإن شرط نقل الرماد والسرقين رب الحمام على المستأجر لا يفسد العقد" (١) .

والمعيار عند الفقهاء في هذه المسألة هو أن ما كان يخص تحقيق الهدف من الإجارة فعلى المؤجر، أو بعبارة أخرى "ما يتمكن به من الانتفاع بالعين المؤجرة، فعلى المؤجر، وما كان لاستيفاء المنافع فهو على عاتق المستأجر، فالواجب على المؤجر أن يزيل كل العقبات أمام المستأجر لتمكينه من الانتفاع بما أجره على الوجه الذي هو مقصوده (٢) ، أما ما يخص استيفاء المنفعة فهو على المستأجر".

وأعتقد أن هذا الميزان والمعيار الفقهي يفتح أمامنا مجالاً للنظر والاجتهاد في مسائل الصيانة اليوم، حيث إن ما يلزم لاستيفاء منافع العين المؤجرة يقع على عاتق المستأجر، وعلى ضوء ذلك فالصيانة اللازمة لتشغيل المحركات ونحوها مثل تبديل الزيت والفلتر والعجلات ونحوها مما يحتاج إليها العمل، وتستهلكه العين المؤجرة تكون على المستأجر (٣) ، لأن هذه الأمور بمثابة العلف للدابة المستأجرة حيث يقع على المستأجر.

وكذلك الصيانة التي تكون للأجزاء الصغيرة غير الجوهرية التي تستهلك أو تتلف في فترات دورية معينة بسبب التشغيل فهذه أيضاً تقع على عاتق المستأجر لأنها تلزم لاستيفاء المنافع وهي أشبه ما تكون بآلات رفع الماء من البئر التي تقع على المستأجر، وقد قال ابن قدامة: "وما كان لاستيفاء المنافع كالحبل والدلو والبكرة (في إجارة البئر) فعلى المكتري" (٤) أي المستأجر، وجاء في الروضة: "إذا اكترى للركوب قال الأكثرون: على المؤجر الإكاف والبرذعة.. وفي السرج إذا اكترى الفرس أوجه، ثالثها اتباع العادة، قلت: صحح الرافعي في المحرر اتباع العادة، والله أعلم. وقال أبو الحسن العبادي في (الرقم) لا يلزم مكري الدابة إلا تسليمها عارية، والآلات كلها على المستأجر" (٥) .


(١) المرجع السابق نفسه.
(٢) يراجع: المبسوط: ١٥/١٥٧؛ والمغني: ٥/٤٥٨.
(٣) د. حسين حامد، بحثه المنشور حول الصيانة في أعمال ندوة بيت التمويل الثالثة، ص٤٥٤.
(٤) المغني: ٥/٤٥٨.
(٥) الروضة: ٥/٢١٩؛ وحاشية القليوبي وعميرة على المحلى: ٣/٧٩.

<<  <  ج: ص:  >  >>