للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

دور العرف في هذا الباب:

للعرف في تحديد التزامات المؤجر، والمستأجر دور كبير، فقد رأينا أن الشافعية الذين لا يعتبرون العرف دليلاً أو مصدراً من مصادر الفقه يولون هنا عناية به ويصححون اتباع العادة والعرف فيما يلزم المؤجر والمستأجر (١) ، ويقول ابن قدامة: "يلزم المكري كل ما جرت العادة أن يوطأ به المركوب للراكب" (٢) ، وقال السرخسي: "ولأن المرجع في هذا إلى العرف" (٣) .

فعلى ضوء ذلك يمكن الاعتماد على العرف الجاري السائد.

اشتراط الصيانة على المستأجر:

لا خلاف بين الفقهاء –من حيث المبدأ- بأن الأشياء التي لا تجب على المؤجر لو اشترطها على المستأجر ووافق عليها فإن هذا الشرط ملزم ما دام لا يخالف نصاً من نصوص الكتاب والسنة.

وإنما الحديث هنا عن اشتراط المؤجر ما يجب عليه من أعمال الصيانة، ثم يشترطها على المستأجر ويوافق عليها، فهل يعد هذا الشرط باطلاً أو صحيحاً؟

وللإجابة عن ذلك نحتاج إلى تحديد نوعية هذا الشرط هل هو مما خالف نصاً من نصوص الكتاب والسنة؟ أو هو يخالف مقتضى العقد؟

إنه من خلال التقصي لا نجد نصاً شرعياً ثابتاً يمنع هذا الشرط هنا، وإذا لم يثبت ذلك فإن الأصل –على الراجح عند المحققين كما سبق- هو الإباحة في العقود والشروط كما أثبت ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية وغيره (٤) .

وهل هو مخالف لمقتضى عقد الإجارة؟

للإجابة عن ذلك نقول: إن مقتضى عقد الإجارة هو تملك المستأجر للمنفعة، وتملك المؤجر للأجرة، وتسليم محل المنفعة بشكل يستطيع المستأجر أن ينتفع به، ويحقق غرضه المنشود من الإجارة، أما القيام بأعمال الصيانة التي يقتضيها استيفاء المنفعة فليس من مقتضى العقد.


(١) المصادر السابقة أنفسها.
(٢) المغني: ٥/٤١٥.
(٣) المبسوط: ١٥/١٥٧.
(٤) يراجع: مجموع الفتاوى: ٢٩/١٢٦ ... ؛ والقواعد النورانية، ص١٨٤؛ وللتفصيل مبدأ الرضا في العقود: ٢/١١٨٦.

<<  <  ج: ص:  >  >>