للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

شروط المرمة على المستأجر:

وقد أجاز جماعة من الفقهاء منهم المالكية اشتراط الترميم (الصيانة) من الأجرة نفسها (١) ، وأجازوا كذلك أن تكون أعمال المرمة زيادة على الأجرة إذا كانت معلومة علماً يرفع الجهالة المؤدية إلى النزاع، جاء في الشرح الكبير: "وجاز شرط مرمة على المكتري، أي إصلاح ما تحتاج إليه الدار أو الحمام مثلاً من كراء وجب، وشرط تطيين الدار أي جعل الطين على سطحها إن احتاجت على المكتري من كراء وجب.."وعلق عليه الدسوقي بقوله: "اعلم أنهما –أي المرمة والتطيين- إن كانا مجهولين فلا يجوز اشتراطهما على المكتري إلا من الكراء لا من عند نفسه كأن يقول كلما احتاجت لمرمة، أو تطيين فرمها أو طينها من الكراء، وأما إن كانا معلومين كأن يعين للمكتري ما يرمه، أو يشترط عليه التطيين مرتين، أو ثلاثاً في السنة فيجوز مطلقاً سواء كان من عند المكتري، أو من الكراء بعد وجوبه، أو قبله وهذا النص يساعدنا في مجال الصيانة على أن تحمل على المستأجر" (٢) .

وهذا النص الفقهي يدل بوضوح على جواز اشتراط الصيانة المعهودة في عصرهم على المستأجر ما دامت معلومة علماً لا يؤدي إلى النزاع، ويقاس عليها الصيانة المعهودة في عصرنا للآلات والمعدات والدور ونحوها، ولكن ينظم ذلك عن طريق المرات المطلوبة أو للأجزاء المحدودة.

والمرمة تعني إصلاح التالف، فيجوز على ضوء ما سبق أن تكون على المستأجر وهي تشمل الصيانة الضرورية لاستيفاء المنفعة، وتشمل إصلاح الآلات التالفة بسبب التشغيل، أو استبدالها، لأن المرمة قد تتطلب شراء الجص ومواد البناء، وقد أجاز الفقهاء أن تكون على المستأجر إذا اشترط عليه، وهكذا الأمر في إصلاح العطل وتبديل ما تحتاج إليه المعدات من أدوات وآلات تستبدل في كل فترة، والشرط الوحيد في ذلك هو أن تحدد المرمة، أو الصيانة بفترات محددة، أو بأي وسيلة ترفع الجهالة المؤدية إلى النزاع.

ويقرب من هذا ما أجازه جماعة من الفقهاء من المالكية من شرط تكريب الأرض الزراعية وتزبيلها (٣) على المستأجر، مع أنه من مسؤولية المؤجر عند إطلاق العقد، فقد جاء في المدونة: "قلت أرأيت إن أكريتك أرضي هذه السنة بعشرين ديناراً وشرطت عليك أن لا تزرعها حتى تكريها ثلاث مرات فتزرعها في الكراب الرابع، وفي هذا منفعة لرب الأرض، لأن أرضه تصلح على هذا؟ قال: نعم هذا جائز، قلت: أرأيت إن أكريته أرضي وشرطت عليه أن يزبلها؟ قال: إذا كان الذي يزبلها به شيئاً معروفاً فلا بأس بذلك، لأن مالكاً قال: لا بأس بالكراء والبيع أن يجمعا في صفقة واحدة، قلت: أرأيت إن استأجرت منك أرضاً بكذا وكذا على أن على رب الأرض حرثها أيجوز هذا في قول مالك؟ قال: يجوز" (٤) .


(١) المدونة: ٥/٥٠٨.
(٢) الشرح الكبير مع حاشية الدسوقي: ٤/٤٧.
(٣) هو حرث الأرض، وتقليب تربتها، وتزبيلها أي وضع الزبل والسماد فيها، انظر: هامش المدونة: ٤/٥٥٥.
(٤) المدونة: ٤/٥٥٤-٥٥٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>