للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وحل آخر ذكروه وهو أن يقول رب الدار، أو الحمام للمستأجر: قد تركت لك أجر شهرين لمرمة الحمام، أو الدار، فهذا لا يفسد الإجارة (١) .

ويفهم من هذه النصوص أن المدار هو الجهالة، ومن هنا فلو أمكن عن طريق العرف أو الوصف تحديد أعمال الصيانة للزم القول بالجواز.

أما كون ذلك مخالفاً لمقتضى العقد فهذا غير مسلم، وذلك لأن مقتضى عقد الإجارة هو التسليم والتسلم وتملك المنفعة والأجرة، أما هذه الالتزامات فهي ليست على المؤجر بمقتضى العقد بدليل أن جماعة من الفقهاء أجازوا اشتراطها على المستأجر كما سبق، كما أنها من الشروط التي لم يرد فيها نص خاص فتبقى على الإباحة، وحينئذ يجوز تحديدها بمقتضى الشروط.

وقد أوضح شيخ الإسلام ابن تيمية الفرق بين العقد المطلق، وبين المعنى المطلق من العقود فقال: "فإذا قيل: هذا شرط ينافي مقتضى العقد، فإن أريد به ينافي العقد المطلق فكذلك كل شرط زائد وهذا لا يضر، وإن أريد ينافي مقتضى العقد المطلق والمقيد احتاج إلى دليل على ذلك، وإنما يصح هذا إذا نافى مقصود العقد، فإن العقد إذا كان له مقصود يراد في جميع صوره" (٢) .

فعلى ضوء ذلك نجد أن مقتضى العقد هو مقصوده الأساسي، وهو في الإجارة تملك المنفعة، والأجرة، وأن المراد بالشرط المخالف لمقتضى العقد هو الذي يتناقض مع مقصوده فيبطل، لأنه يؤدي إلى الجمع بين المتناقضين بين إثبات المقصود ونفيه، ومن هنا فاشتراط الصيانة ليس من هذا القبيل.

والخلاصة أن جميع أنواع الصيانة التي يتطلبها استيفاء المنفعة من الصيانة التشغيلية، ومن إصلاح الخلل للأجزاء التي تتلف بسبب التشغيل يجوز اشتراطها على المستأجر، لأن القاعدة العامة هي أن الأصل في الشروط الصحة واللزوم إلا ما دل الدليل على خلافه بأن يكون مخالفاً لنص من الكتاب والسنة (٣) .


(١) المبسوط: ١٥/ ١٥٧ – ١٥٩.
(٢) القواعد النورانية، ص ٢١١ ... ؛ ويراجع مجموع الفتاوى: ٢٩/٣٤٦.
(٣) يراجع: مجموع الفتاوى ٢٩/٣٤٦؛ ويراجع: د. حسين حامد، بحثه السابق، ص ٤٨٥.

<<  <  ج: ص:  >  >>