للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الصيانة وتحمل تبعة الهلاك للعين المستأجرة:

لاشك أن تبعة هلاك العين المؤجرة تقع على عاتق المؤجر –كما سبق- فلماذا لا يقاس عليها أعمال الصيانة في عدم جواز اشتراطها على المستأجر؟

للجواب عن ذلك نقول:

أولاً: إن الإمام أحمد في رواية –كما سبق- أجاز أن يكون ضمان العين المستأجرة على المستأجر بالاشتراط، واستنبط منه ابن قدامة ضابطة فقهية وهي: جواز نفي الضمان بشرطه، ووجوبه بشرطه.

ثانياً: إن الصيانة تختلف من هلاك العين المستأجرة، إذ أن هلاكها يؤدي إلى عدم إمكانية الانتفاع بها، في حين أن الصيانة في معظم أحوالها للتشغيل، والوقاية، وأما ما فيها من إصلاح لتلف بعض الأجزاء فهو بمثابة الترميم (المرمة) ولذلك لا يجوز اشتراط أن تكون هلكة الأجزاء الكبيرة الجوهرية على عاتق المستأجر إلا على رواية لأحمد، وقول مرجوح في المذهب المالكي –كما سبق-.

ونستطيع القول بعد هذا العرض للموضوع بأن الصيانة بأنواعها الثلاثة التي طرحها البنك الإسلامي للتنمية ليست من مقتضى عقد الإجارة، وبالتالي يجوز للمؤجر أن يشترطه على المستأجر، فإذا وافق على ذلك فقد التزم به (١) ، ولكن يلزم أن تكون هذه الصيانة معلومة بالوصف، أو المرات، أو بالعرف أو حسب الخبرة القائمة على الدراسات الفنية التي قاموا بها، أو بعبارة أخرى تكون معلومة علماً يرفع الجهالة الفاحشة الموجبة للنزاع.

فأعمال الصيانة وإن كانت واجبة على المؤجر باعتبارها من أحكام العقد، لكنه لا يلزم أن تكون من مقتضى العقد الأساسي الذي لا يجوز مخالفته، وبالتالي يجوز شرطها على المستأجر.

والثاني: لا يقبل، لأنه قبضه لنفع نفسه، أشبه المستعير" (٢) .


(١) وهذا هو رأي الدكتور حسين حسان في بحثه السابق الإشارة إليه حيث قال في ص٤٨٥: "إن الصيانة بأنواعها الثلاثة المتقدم بيانها ليست من مقتضى عقد إجارة الآلات والمعدات، فكان شرطها على المستأجر غير مناف لمقتضى العقد بمعنى مقصود الشارع منه، كما أنها لا تخالف نصاً شرعياً من كتاب وسنة فجاز شرطها على المستأجر بناء على الأصل المتقدم الذي أكده شيخ الإسلام".
(٢) الكافي: ٢/١٥٤.

<<  <  ج: ص:  >  >>