للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

وهل للمستأجر الحق في إنقاص الأجرة؟

ذهب جماعة من الفقهاء (المالكية والشافعية والحنابلة في قول) (١) إلى جواز إنقاص الأجرة في مقابل حدوث خلل في العين المؤجرة وعدم قيام المؤجر بالإصلاح، أو بعبارة أخرى إذا لم يقم بالصيانة اللازمة وبقي الخلل فإن للمستأجر الحق في إنقاص الأجرة، والمرجع في ذلك إلى أهل الخبرة.

وذهب الحنفية، والحنابلة على المذهب إلى عدم جواز إنقاص الأجرة، وإنما له حق الفسخ فقط (٢) .

وقد أخذت القوانين العربية بحق إنقاص الأجرة بحكم من المحكمة –كما سبق-.

والذي يظهر لي رجحانه هو الرأي الأخير، وذلك لما يأتي:

أولاً: إن عقد الإجارة من عقود الرضا، وهذا يقتضي أن لا يجبر أحد العاقدين إلا برضاهما ولما يترتب على رضاهما، ومن هنا فإجبار المؤجر على القبول بإنقاص الأجرة دون رضاه إجبار على شيء لم يذكر في العقد، ولا اقتضاه العقد فيكون أكلاً لأموال الناس بالباطل، وقد قال تعالى: {لَا تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلَّا أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ} [النساء: ٢٩] .

ثانياً: بالقياس على البيع حيث يكون المشتري بالخيار عند العيب بين الفسخ والقبول بالمبيع بثمنه المتفق عليه –كمبدأ-.

ثالثاً: إن هذا يحقق العدالة للعاقدين، إذ أن إجبار المؤجر على القبول بإنقاص الأجرة لا يخلو من ظلم وتعسف يفرض عليه، في حين أن حق الفسخ وحده يحقق المطلوب للطرفين، فإن شاء المستأجر فسخ، وإن شاء بقي على الأجرة المتفق عليها، وإذا أراد الطرفان إنقاص الأجرة فيكون ذلك برضى جديد من الطرفين.

هذا والله أعلم بالصواب.

وصلى الله على سيدنا محمد وعلى آله وصحبه ومن تبع هداه إلى يوم الدين، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العاملين.


(١) شرح الخرشي: ٧/٥١؛ وشرح المحلى مع حاشية القليوبي وعميرة: ٣/٧٨؛ والإنصاف: ٦/٦٦.
(٢) الفتاوى الهندية: ٤/٤٥٨؛ الإنصاف: ٦/٦٦؛ ويراجع بحث د. محمد عثمان شبير.

<<  <  ج: ص:  >  >>