للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٣ -الإجارة التشغيلية والإجارة المالية- مقارنة:

من خلال هذا العرض السريع للعديد من صور الإجارة المالية، بالإضافة إلى التعرف على مفهومها لدى الفكر الوضعي، وما هو معروف عن الإجارة التقليدية، أو بالتعبير الحديث الإجارة التشغيلية فإنه يمكن التعرف على أهم الفروق القائمة بين الصيغتين، ويمكن القول إن هناك العديد من الفروق بينهما، بعضها تعد فروقاً جوهرية وأخرى أقل جوهرية، وبعضها لا يختلف في أي صورة من صور الإجارة المالية مخالفاً بذلك الإجارة التشغيلية، وبعضها يظهر في بعض صورها دون البعض الآخر، وقد تعرض الكثير من الكتاب لهذه المقارنة الأمر الذي يجعلنا هنا في غير حاجة ملحة إلى التعرف المفصل لها (١) .

وقد يكون من أهم الفروق بينهما ما يتعلق بمسألة المخاطر وتحمل النفقات، فهي في التشغيلية مسؤولية المؤجر بغير خلاف، لكنها في المالية مسؤولية المستأجر في كل صورها، وقد كان ذلك من أهم الدوافع وراء ظهور الإجارة المالية بصورها المختلفة.

كذلك نلاحظ أنه في معظم صور الإجارة المالية أنها تنتهي بالتمليك، مهما كانت الصورة، سواء من خلال الوعد أو العقد، وسواء كان ذلك بغير ثمن محدد بعد أقساط الإجارة أو بثمن محدد، رمزياً أو حقيقياً، أو بثمن يحدد حسب سعر السوق عند انتهاء الإجارة، وسواء كان من خلال منح الحق للمستأجر في اختيار خيار الشراء عند انتهاء الإجارة، وبالتالي فإنه في غالب الحالات نجد المآل انتقال ملكية الأصل إلى المستأجر.

ونجد البداية هو القصد إلى ذلك، فكل منهما في غالب الأمر يدخل على التعاقد بنية انتهاء الإجارة بالتمليك العيني للأصل، أي بالبيع بعبارة أخرى، بينما لا مجال لذلك في الإجارة التشغيلية، يضاف إلى ذلك أنه في غالب الأمر نجد أن مدة الإجارة المالية من الطول بمكان بحيث تصل أو تقارب العمر الإنتاجي للأصل المؤجر، بينما الحال في الإجارة التشغيلية هو إمكانية قصر المدة إلى حد كبير عن العمر الإنتاجي للأصل، وكذلك إمكانية تطويلها بحيث تصل إلى عمر الأصل.

كما نجد أن الإجارة المالية طابعها الإلزام وعدم إمكانية الإنهاء قبل المدة المتفق عليها لا من قبل المؤجر ولا من قبل المستأجر، وإلا تحمل الشرط الجزائي، حيث إن ذلك يتنافى ومقصود وطبيعة هذه الإجارة، بينما في الإجارة التشغيلية وإن كانت لازمة شرعاً إلا أنه من الممكن إنهاؤها في بعض الحالات دون تحمل شروط جزائية.


(١) محمد عبد العزيز حسن، مرجع سابق، ص٣٠ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>