للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

٤ -الإجارة المالية واحتياجات المؤجر والمستأجر (١) :

بعد استعراضنا لصيغتي الإجارة بصورها المختلفة يطرح علينا تساؤل له أهميته: ما الذي حققته الإجارة المالية من ميزات للمؤجر؟ أو بعبارة أخرى ما هو الجديد في الإجارة المالية من وجهة نظر المؤجر؟

أ-سبق أن أشرنا إلى أن التطوير الذي أدخله التطبيق المعاصر على صيغة أو عقد الإجارة كان وراءه في المقام الأول رغبات واحتياجات للمؤجر لا ينهض بتلبيتها عقد البيع الآجل من جهة ولا عقد الإجارة التشغيلية من جهة أخرى، فما هي هذه الرغبات التي تلبيها الإجارة المالية؟

إن التمويل من خلال التأجير له ميزاته وخصائصه، وله كذلك سلبياته، وبدراسة الإجارة المالية نجد أنها من وجهة نظر المؤجر تحقق له أموراً ما كان للإجارة التشغيلية أن تحققها، ومن ذلك قضية نقل مخاطر وأعباء الملكية إلى المستأجر، فهو المسؤول عن أي خطر يلحق بالأصل، فنياً كان أو غير فني، وهو المسؤول عن صيانته والإنفاق عليه بحيث يظل صالحاً لتقديم المنفعة.

ولا شك أن ذلك يمثل أهمية كبرى لدى المؤجر لما يرفع عن كاهله من مخاطر قد تكون جسيمة ومن نفقات قد تكون كبيرة، وبالتالي تجعله يقدم بقوة على القيام بهذا النشاط ذي الأهمية التجارية من جهة والتمويلية من جهة أخرى، عكس ما هو عليه الحال لو كانت الصيغة المستخدمة هي الإجارة التشغيلية، ثم إنها تضمن له في غالب الصور التأجير إلى نهاية عمر الأصل، وبالتالي يكون التوظيف والتشغيل مستمراً غير منقطع ولا متوقف، كما أنها تحقق له التخلص من ملكية الأصل في النهاية، ومعنى ذلك أنه قد وظف ماله توظيفاً مستمراً محققاً له العائد الذي يرجوه، مع عدم تحمل مخاطره ونفقاته.

كذلك فإن الأنظمة الضريبية في بعض الدول الغربية تقدم ميزات جيدة للاستثمار في الأصول الثابتة جعلت الشركات تقوم على الاستثمار في هذه الأصول، فتقل الضرائب عليها من جهة وتستفيد من تأجيرها للغير من جهة ثانية، مع الاحتفاظ بحق الملكية إلى أن يتم سداد الثمن.

ب-إلى أي مدى راعت الإجارة المالية احتياجات ومطالب ومصالح المستأجر؟ من الواضح أن الإجارة المالية ظهرت في الأساس لتلبية رغبات المؤجر، ومن المعروف أن رغبات المؤجر قد لا تتمشى مع رغبات واحتياجات المستأجر، فهما طرفان متقابلان، ولذلك لا نعجب إن وجدنا أن الإجارة المالية لم تحقق للمستأجر حاجات ورغبات بقدر ما سلبت منه من ميزات قدمتها له الإجارة التشغيلية، مثل تحمل المخاطر والنفقات، وكذلك إلزامه بالتأجير لفترات طويلة، قد لا يكون في حاجة ملحة إليها، وأيضاً فقد لا يكون من مصلحته تملك الأصل في النهاية إضافة إلى ما قد يكون هناك من مغالاة في قيمة الأقساط حيث لا تخضع للسعر السائد في السوق للأصول المناظرة، ومع ذلك فلم تعدم الإجارة المالية أن تقدم بعض الميزات للمستأجر حتى وإن كان من خلال ما تقدمه من ميزات للمؤجر، وبالتالي يجد المستأجر بسهولة سوقاً متاحة للتأجير، عكس ما لو لم تكن هناك ميزات فيها للمؤجر، ومع ذلك فهي توفر للمستأجر فرصة التملك للأصل بثمن مقسط يستطيع تحمله من خلال ما يحققه من إيراد من تشغيل هذا الأصل، كما أنها تتيح له فرصة الحصول على احتياجاته المحددة بسرعة وبدون الاضطرار إلى البحث عمن لديه هذه الأصول ويرغب في تأجيرها.


(١) د. محمد القري، مرجع سابق، ص٥٤٢ وما بعدها، محمود فهمي، نظام التأجير التمويلي، مجلة مصر المعاصرة، السنة السابعة والثمانون، العددان (٢٤١-٢٤٢) لعام ١٩٩٦، ص٩٥ وما بعدها؛ محمد عبد العزيز حسن، ص٢٥ وما بعدها.

<<  <  ج: ص:  >  >>