سيادة الرئيس أعتقد أن البعض عقدوا البحث وشققوه فتاهوا في الشقوق. ما نحتاجه في دراسة كل عقد هو التأكد من وجود مقتضى الصحة وفقدان المانع من هذه الصحة. وما لدي من القواعد وما نستأنس ونعرفه منها أن هناك في هذا العقد مقتضى الصحة موجوداً. فهذا العقد عقد عرفي يكون مورداً لقوله تعالى:{أَوْفُوا بِالْعُقُودِ} ، وكونه مشروطاً يجعله مورداً لـ ((المؤمنون عند شروطهم)) . مقتضى الصحة في هذا العقد بمختلف شقوقه موجود، أما الموانع المذكورة من كون انتقال الملكية لا يمكن أن يتم إلا بلفظ معين أو بسب معين، أو من كونه مصداقاً لصفقتين في صفقة أو بيع وشراء، فقد ثبت لنا أنها لا تشكل مانعاً في هذا المورد.
بقي أن نعرف أن الشرط –كما قلت في حديثي- قد يكون فعلاً، بمعنى أن يشترط البائع على المشتري أن يفعل فعلاً وقد يكون غاية أو نتيجة كالملكية، ولا مانع من ذلك ما نعرفه من القواعد. وهذا نص كلام لأحد كبار فقهائنا الشيخ الأنصاري في المكاسب، يقول:(وكيف كان فالأقوى صحة اشتراط الغايات التي لم يعلم من الشارع إناطتها بأسباب خاصة، كما يصح نذرك مثل هذه الغايات بأن ينذر كون المال صدقة والشاة أضحية، أو كون هذا المال لزيد، وحينئذٍ فالظاهر عدم الخلاف في وجوب الوفاء بها، بمعنى ترتيب الآثار) . فهنا كما أعتقد المقتضى للصحة موجود والموانع مفقودة.
بقي التساؤل عن أي الأحكام تطبق؟، هل أحكام الإجارة أم أحكام البيع الصحيح؟ لأن أحكام الإجارة هي التي تطبق بوفق العقد، فإذا انتهت الإجارة حل البيع ودخلت أحكامه، وبشكل واضح ليس هناك تعارض بين هذه الأحكام لاختلاف الزمان. فمثلاً لو تلف المال بلا تفريط تلف من مال المؤجر، وربما تمت الرأفة بعد ذلك بالمستأجر فأعيد له ما زاد عن أجرة المثل كما أشار الدكتور عبد الستار.
إشكال وحدة المحل في هذين الأمرين أعتقد أنه لا محل له، فالمحل متعدد. أولا بتعدد الزمان، ومتعدد بالفرق بين الرقبة والمنفعة. أما إشكال الغرر بعلة الجهالة عند التنفيذ فجوابه أن الغرر ليس هو كل جهل مهما كان، بل هو كما رأينا وكما ذكره المرحوم الزرقا والآخرون، والحنفية، بل هو الجهالة المفضية للنزاع كما تم تحقيقه وكما يوحي به لفظ الغرر. ولتقريب هذا المعنى للأذهان ما نجده من قبول عرفي بعدم الضرر هنا فلا يتذرع بهذه الحجة أي ذهن عرفي.
أعتقد أننا إذا لم نعقد التشقيق نصل إلى النتيجة، فمقتضى الصحة في هذا العقد موجود ولا أجد أي مانع يقف عقبة أمام تنفيذ ذلك.