للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

ثانياً: أهمية موضوع الضريبة: هناك بعض الدول الإسلامية ليس فيها ضرائب، وهذه قلة في الحقيقة بين البلدان الإسلامية، البلدان الإسلامية معظمها فيها ضرائب وبعضها فيها ضرائب باهظة أيضاً على الأعمال، فمسألة الضريبة لا تهمل عند النظر في الاختيارات المناسبة للتمويل الإسلامي، إذا كان اختيار ما يساعد المتعاملين على تجنب الضريبة في مقابل أن اختياراً آخراً لا يساعدهم على ذلك فلا شك ينبغي أن ننظر لذلك الذي يعين طالما أن كليهما مشروعان من الناحية الإسلامية.

ثالثاً: الميزة الأساسية في الإجارة هي احتفاظ الممول بملكية العين المؤجرة، هذا الاحتفاظ أمر أساسي في مسألة التمويل بالإجارة ولا يغني عن هذا القول بالبيع والرهن، لأن الرهن في جميع البلدان له إجراءات، أو بيع الرهن وتصفية الشيء المرهون له إجراءات قانونية كثيرة ومعقدة، بينما أن يتصرف المؤجر بما يملكه أمر أهون بكثير، وأيضاً لا يغني عنها الاحتفاظ بالملكية الرسمية بأن لا تنقل الملكية رسمياً إلى المشتري في بيع التقسيط لأن هذه الشكلية مخالفة للقانون، إن كان بيعاً فينبغي أن يسجل إذا اشترط القانون تسجيله، فأن نقول لا يسجل يعني يستطيع أن يفعل ذلك أي شخص ذو علاقة بالموضوع فيطلب تسجيله من محكمة القضايا السريعة، فلا يغني عنه ذلك، إذن الاحتفاظ بالملكية مسألة مهمة، وتأتي هنا قضية أشار إليها عدد من الإخوان وذكرتها بالتفصيل في بحثي وهي قضية عدم توازن الالتزامات بين المؤجر والمستأجر في الإجارة المنتهية بالتمليك إذا كانت تنتهي بالبيع بسعر رمزي أو بالهبة في آخر عقد الإجارة، لأنه في هذه الحالة عقد الإجارة هو عقد تمويلي مقصود منه التمويل والقسط في حقيقته وفي واقعه يتألف من جزأين: جزء مقابل الإجارة، والجزء الآخر مقابل التملك، فينبغي أن تتوازن حقوق والتزامات الطرفين بما يعبر عن هذه الحقيقة، ولا يصح أن تهمل هذه الحقيقة من أجل شكليات وهي أنه يمكن أن نحدد الإجارة بتراضي الطرفين كيف ما شئنا ولكنها في حقيقتها هي إجارة وثمن، فينبغي أن يلاحظ هذا وأن يعبر عنه في العلاقة القانونية نفسها.

رابعاً: إن إثارة قضايا لا علاقة لها بأصل ما نناقشه أظن أنها على أهميتها ينبغي ألا تكون هي العقدة، فالتأمين مثلاً، هنالك تأمين تجاري وهناك تأمين تعاوني، وقد أقرت المجامع العلمية التأمين التعاوني على أساس التبرع وبررته، وفي التأمين التعاوني يمكن أن يكون دافع القسط هو المستأجر، ويمكن أن يكون المنتفع –طالما أنه تبرع هو يتبرع بالدفع- من التأمين المؤجر، طالما أن ذلك ممكن وجائز شرعاً، فلا ندخل مسائل جانبية في هذه المسألة، وبالتالي نخرج عن القضية الأساسية.

خامساً: أمر الدفعة الأولى: الدفعة الأولى هي جزء من الأجرة، ولا يشترط في الأجرة أن تكون كلها منجمة على أشهر أو سنوات أو غير ذلك، فهي إما أنها جزء من الأجرة أو أنهما يشتركان في الشراء في الأول، فيكون عقد الإجارة منصباً على الجزء الذي لا يملكه المستأجر، فأمرها هين في الحقيقة.

سادساً: مسألة البيع مع استثناء المنافع: هذه مسألة مهمة ما لاحظت أن كثيراً من الإخوان قد علقوا عليها، قال بذلك الفقهاء في عدد من المذاهب، وقد أشرت إلى ذلك في ورقتي، فيمكن أن تكون الإجارة المنتهية بالتمليك بدلاً من ذلك أن تكون إجارة مبتدئة بالتمليك، فتملك العين ثم تؤجر للمستأجر، فتكون الدفعة الأولى هي ثمن العين والدفعات التالية هي أجرة المنافع المستثناة لمدة الإجارة، فتملك ثم تؤجر مع هذا استثناء المنافع.

أنا أعتقد أنه ليس في هذا النوع من المعاملة ضير أو مشكلة، ليس فيها غرر، وليس فيها جهالة، وقيمة العين بعد عشر سنوات –مثلاً- معلومة لدى المتعاقدين الآن بشكل واضح إذا أدركنا خاصية مهمة لهذا العقد وهي أنه عقد تمويلي وليس عقد إجارة بسيط، والحمد لله رب العالمين.

<<  <  ج: ص:  >  >>