للمساهمة في دعم المكتبة الشاملة

فصول الكتاب

<<  <  ج: ص:  >  >>

الشيخ عبد الله بن منيع:

بسم الله الرحمن الرحيم، الحمد لله رب العالمين، وصلى الله وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وأصحابه أجمعين.

شكراً لسماحة الرئيس لإتاحة هذه الفرصة، وأكرر ما ذكره الإخوة من تهنئة سماحته بتجديد رئاسته، والواقع أنني أرى أن قول الله سبحانه وتعالى: {إِنَّ خَيْرَ مَنِ اسْتَأْجَرْتَ الْقَوِيُّ الْأَمِينُ} ينطبق على سماحته، فأرجو الله سبحانه وتعالى أن يوفقه وأن يهديه إلى ما فيه الخير والصلاح وإلى ما فيه صلاح هذا المجمع.

الواقع –حفظكم الله- فيما يتعلق بالإيجار المنتهي بالتمليك لا شك أنه حصل فيه من الإشكال الشيء الكثير ولعل مرد ذلك إلى هذه التسمية.

فأولاً: القول بالإيجار المنتهي بالتمليك هذا في الواقع خطأ، فالإيجار لا ينتهي بالتمليك وإنما ينتهي بانتهاء مدته، والتعبير الصحيح أو التسمية الصحيحة لهذا النوع من التعاقد هو: الإيجار مع الوعد بالتمليك، ولعل من أسباب الإشكال في ذلك أولا هذه التسمية: الإيجار المنتهي بالتمليك، فليس هناك إيجار منتهٍ بالتمليك.

الأمر الثاني: ما صاحب هذا العقد من شروط ليست من خصائص الإجارة، فالقول باشتراط دفعة مقدمة ودفعة مؤخرة، وكذلك تأمين من قبل المستأجر وضمان مطلق من قبل المستأجر، هذا في الواقع ليس من خصائص الإجارة، خصائص الإجارة ما يتعلق بالدفعة المقدمة، إن قيل دفعة مقدمة ضماناً للأجور المستقبلة فهذا ممكن أن يقبل، أما أن تكون دفعة مقدمة يستحقها المؤجر فبأي حق يستأجرها؟ أنا مستأجر ليس لك في ذمتي أيها المؤجر شيئاً أدفع لك دفعة مقدمة أو دفعة مؤخرة.

ما يتعلق بالتأمين فعلى افتراض صحته ففي الواقع على كل حال ليس من مستلزمات المستأجر، العين خاصة للمؤجر، فإن هو الذي يتحمل مسؤولية الحفاظ على هذه العين.

ما يتعلق بالضمان فكذلك الضمان مطلق، هذا ليس من خصائص الإجارة، فالعين المؤجرة هي أمانة في يد المستأجر لا يتحمل ضماناً في حال تلفها أو تلف بعضها إلا إذا كان ذلك مبنياً على تعد أو تقصير أو إهمال في الحفاظ على هذه العين.

ما قيل في رد هذا النوع والقول بأنه لا يجوز لأنه محل يتوارد عليه عقدان: عقد إجارة وعقد تمليك، هذا في الواقع غير صحيح، فالعقد لا يتوارد، أو كان بقيمة رمزية أو كان بقيمة ما يساويه في السوق، والوعد معروف أنه ليس عقداً وإنما يقتضي أحد أمرين: إما الوفاء به أو تحمل الضرر الناتج عن النكول في الوفاء بهذا العقد، وهذا على القول بأن العقد ملزم.

ما قيل بأن هذا ليس من قبيل الإجارة، لأن الأجرة مرتفعة، صحيح أنها مرتفعة وليست أجرة المثل لكن في الواقع كذلك ينبغي أن نعرف بأن هذه الأجرة المرتفعة هي في مقابلة الأجرة زائد قيمة الوعد، وقد يستشكل بعض الإخوة أن يكون للوعد قيمة، والواقع أنه يجب أن يكون له قيمة لأنه التزام، الآن العربون أليس له قيمة؟ حبس السلعة عن عرضها لصالح مشتيريها ما ثمنه؟ ثمنه هذا العربون الذي قدم، فإذن الأمور المعنوية المبنية على الالتزام لا شك أن لها قيم.

<<  <  ج: ص:  >  >>