من آكد ما يدل على أن الإيجار مع الوعد بالتمليك إجارة جائزة أولا رجوع العين إلى مؤجرها في حال تلفها أو في أي حال من الأحوال الموجبة لانفساخ الإجارة، هل هذا من خصائص البيع؟ لو كان بيعاً لكانت العين مملوكة لما يسمى مستأجر وهو مشتر، وليس كذلك، بل العين ترجع بكاملها إلى مالكها.
كذلك فيما يتعلق لو حصل على العين أي تلف أثناء مدة الإجارة، ما هي الطريقة؟ معنى ذلك أنه لو كان بيعاً لكانت هذه العين مملوكة للمستأجر نفسه أو للمشتري، وفي نفس الأمر هو يتولى بيعها إذا كان فيها ما يمكن أن تباع ولكنها ترجع إلى مستأجرها، وفي نفس الأمر إذا كان سبب الفسخ جاء عن غير طريق المستأجر فينبغي للمؤجر أن يرد ما زاد عن قيمة المثل لفوات الوعد، لأنها قيمة أخذت للوعد، والوعد فات وقته، فإذن ما أخذ قيمة له والحال أن وقته فائت، هذا غير صحيح، هذه الشروط التي تشترط في عقد التأجير مع الوعد بالتمليك، الدفعة الأولى والدفعة الثانية والتأمين والصيانة العامة ونحو ذلك إلى آخره، نستطيع أن نقول بأنها شروط باطلة والعقد صحيح، ونستأنس بحديث بريرة:((اشترطي لهم الولاء فإنما الولاء لمن أعتق)) فرسول الله صلى الله عليه وسلم أبطل الشرط وصحح العقد، فلماذا لا نقول بهذا؟ في الواقع على كل حال هذه الشروط ليست من خصائص الإجارة وليست من مقتضي الإجارة وليست من مصلحة الإجارة، فإذا كان كذلك وهي خارجة عن ذلك فهي شروط باطلة والعقد صحيح.
القول بأن الإيجار مبني على أجرة هي أجرة المثل وعلى جزء من الثمن هو الثمن الزائد عن أجرة المثل، هذا قول في الواقع غير صحيح لأن القضية الآن لم يكن هناك بيع وإنما هو وعد، وهذا الوعد في الواقع لا يلزم بالوفاء به وإنما يلزم بأحد أمرين: إما الوفاء به، أو تحمل الضرر الناتج عن النكول عن الوفاء به.
فإذن ليست هذه الزيادة هي جزء من الثمن وإنما هي ثمن الوعد.
أحببت التنبيه لذلك، حفظكم الله، وشكر الله لكم.
الشيخ أحمد محيي الدين:
بسم الله الرحمن الرحيم، أود الحديث عن قضية تكييف عقد الإجارة المنتهية بالتمليك بحسب ما يجري عليه العمل في تطبيقات بعض البنوك الإسلامية وليس احتكاماً للصور التسع النظرية الموجودة في كثير من البحوث وقيلت كثيراً أثناء المداولات.
وتعليقي هذا يعم إذا ما كان الوعد ملزماً أو غير ملزم، مقارناً للعقد أو منفصلاً عنه، سواء تم الوعد بهبة أو بيع بثمن حقيقي أو رمزي، فالحقيقة الواضحة حتى الآن أنه لا يمكن القول وباطمئنان تام أن نصف العقد بأنه بيع، خاصة وأن ملكية المبيع لا تنتقل للمشتري، وفي نفس الوقت لا يمكن القول بأنه إجارة مطلقاً، لعدم وجود أجرة المثل وهي أهم عنصر وعوض، ولكن في نفس الوقت وكنت أتمنى أن توزع بعض العقود المطبقة فعلياً في بعض البنوك على السادة الحضور حتى يكون الحكم صادراً عن شيء عملي وليس عن تصور وبالتالي ما يتبع ذلك من تعميم كثير.
هذه العقود وما حوت من بنود ليس فيها ربا صريح أو شبهة ربا، وليس فيها غرر مؤثر في صحة العقد، وليس فيها جهالة مفضية إلى التنازع، ولا تصادم نصاً صريحاً، ولا دلالة سواء كانت قطيعة أو ظنية، قد تكون هناك بعض الشروط غير الصحيحة والاتفاق على أن مثل هذه الشروط إما أن تهمل أو تصحح، فإذا كان الأمر كذلك وأن هذا العقد مفيد للبنوك الإسلامية لأن فيه درجة كبيرة من الضمان ويحل محل المرابحة ويساعد في ابتكار وإصدار وتداول أدوات مالية وهو ما ينقص الصناعة المصرفية الإسلامية فيمكن أن نركن إلى أن الأصل في العقود الإباحة، وأن هذا العقد من العقود غير المسماة أو العقود ذات الخصائص المشتركة وبالتالي هذا العقد ليس فيه مخالفة شرعية، والقول بضرورة تكييفه على أنه عقد إجارة أو عقد بيع وبالتالي ننقض العقد وتضيع المصلحة، فأنا أميل إلى أن هذا العقد –كما قال الشيخ التسخيري والشيخ عبد الله بن منيع، والدكتور منذر قحف- عقد صحيح ويمكن العمل به، ويمكن أن نبحث له عن تسمية باعتباره من زمرة العقود المستحدثة أو العقود غير المسماة.