وهذا الشرط الثالث هو الذي يعني به هذا البحث، من حيث تعلقه بخطاب الوضع، أو خطاب التكليف، وهو يعتبر مثل الصفة من الموصوف بالنسبة لصلته بالمشروط.
واصطلاحًا عرفه الشاطبي بأنه: ما كان وصفًا مكملًا لمشروطه، فيما اقتضاه ذلك المشروط أو فيما اقتضاه الحكم فيه.
وعن التقسيم الثلاثي أعلاه علق كل قسم بالواقعة التي صاحبها، فالعقلي للتكليف، والعادي لحصول الأمر، والثالث هو الذي ترتب عليه الأحكام وعبر عنه بالعادي لعدم طلب الشارع لتحقيقه أو الكف عنه، ويرتبط الشرط بالسبب عند المالكية ارتباطًا وثيقًا يشير إليه الشاطبي بقوله:(الأصل المعلوم أن السبب إذا كان متوقف التأثير على شرط فلا يصح أن يقع السبب دونه ويستوي في ذلك شرط الكمال وشرط الإجزاء، فلا يمكن الحكم مع توقفه على شرط) وسنتعرض لمزيد من التفصيل عند تحليلنا للشرط بصفة أكثر.
وأثناء تعريفه للشرط ميز القرافي بين الشروط اللغوية والعقلية والشرعية والعادية قائلًا بأن الشروط اللغوية قاعدة مباينة لقاعدة الشروط الأخرى، ولا يظهر الفرق بين القاعدتين إلا بيان حقيقة الشرط، والسبب، والمانع، أما السبب فهو الذي يلزم من وجوده الوجود ومن عدمه العدم لذاته، أما القيد الأول فاحتراز من الشرط، فإنه لا يلزم من وجوده شيء إنما يؤثر عدمه في العدم، والقيد الثاني: احتراز من المانع، إن المانع لا يلزم من عدمه شيء، إنما يؤثر وجوده في العدم، والقيد الثالث احتراز من مقارنة وجود السبب وعدم الشرط فهو الذي يلزم من عدمه العدم، ولا يلزم من وجوده وجود ولا عدم لذاته، ولا يشتمل على شيء من المناسبة في ذاته، بل غيره، إذا تقرر ذلك: يظهر أن المعتبر من المانع وجوده ومن الشرط عدمه، ومن السبب وجوده وعدمه، والثلاثة تصلح الزكاة مثالًا لها: فالسبب النصاب، والحول شرط وجوبها، والدين مانع من أدائها.